Atwasat

لماذا نذهب إلى معرض القاهرة للكتاب؟

أحمد الفيتوري الثلاثاء 25 يناير 2022, 11:55 صباحا
أحمد الفيتوري

القاهرة، قاهرة الجغرافيا، التي تصنع التاريخ، ولهذا فإنها عاصمة إقليمية. وفي هذه الجملة، الجواب على السؤال: لماذا نذهب، إلى معرض القاهرة للكتاب؟. وأخص هنا العرب، لكن هذا لا يعني، أن هناك كثرا من غيرهم، يأتون القاهرة، في موسم معرض القاهرة للكتاب. ما لا يعني، أنه أهم معرض إقليمي، و لا أن موعد انعقاده مناسب، أواخر يناير وأول فبراير، من كل عام. مع ملاحظة، أن عددا لا بأس به، يأتي القاهرة، من أقاليم مصر، في ذات المناسبة.

فهل هكذا أمر هام، ما يستدعى الكتابة عنه؟، أجيب على هكذا سؤال، من سيرتي الذاتية، مع هذا المعرض، ما وجدته مناسبة موضوعية، للسفر المستطاع، منذ أول الشباب وحتى اليوم. فلقد تحول المعرض، إلى حجة معقولة، للعقل والوجدان، وقد يكون مبررا مقبولا، عند أي أحد، يرغب في السفر، فالكتاب حجة ومحجة، ما يوفر الحافز. وإن توفر الحافز لي ولغيري، فيكون عندئذ الملتقى، بين من يصعب لقاؤهم، وبين من تعرف ومن لا تعرف، من كتاب وفنانين وقراء ووراقين، ومن في غيهم يعمهون... وهلم.

من نافل القول، أن لغالبية البلدان معرضا للكتاب، وأن بعضها متفوق، في مجال الكتاب، لكن كما أسلفت، أن معرض القاهرة كعصى موسى، ما له فيها مآرب أخر. والغريب أن ما يعد معايب، في معرض للكتاب، يتحول في القاهرة إلى مزايا، من ذلك أن أهل القاهرة، يحولون المعرض مثلا، إلى سوق للزحام، فكثير منهم، من يمارس الفرجة.

بذا يصح كنية المعرض، بمعرض الفرجة، فهو يفسح المجال، لأن تتفرج، على نجوم الكتابة والصحافة والفن، كما فيه معارض، للفن التشكيلي والمسرح والسينما، وكل في المجال، وبالتالي الفرجة، حتى على المطاعم المصرية، ما تشاهد عادة في السينما والتلفزيون. من هذا وغيره، يكون الزائر، معرض القاهرة للكتاب، سائحا عتبته الكتاب.

هذا على ذكر السياحة، ما انتشرت في العالم، مع القرن العشرين، فتطور وسائل الموصلات، وسهولة التنقل، مما جعل، في نهاية القرن الماضى، تبزغ ظواهر مستجدة، كالسياحة الصحية، السياحة الدينية، فسياحة المعارض. ما مكن للقاهرة لا غيرها، أن توفر السياحة الثقافية، خاصة وأن فئة المثقفين، ومن يتشبهون بهم، فئة محدودة الدخل، مَنْ موقع القاهرة، يمكنهم من السياحة، وأفضل من غيرها، وهذا ما حصل بالقوة والفعل، دون تخطيط ما، في تقديري.

طبعا ومؤخرا، نزلت نازلة الانترنت، فالسوشل ميديا، في كل مجال، ومنها الكتاب. وفي هذا الحال، انبثق المواطن الكاتب، مثلما المواطن الصحفي ..وغيرهما، وبالإضافة، فإن هناك موضة عمت، هي الكاتب الناشر. وهذه ظواهر سبرانية، تغلبت على كل معقول معروف، فبانت كأنها مسرح اللا معقول. ما معرض القاهرة للكتاب، خير ما يشف عنه، ويشي به.

ورغم أن الكتاب الرقمي، سيد الموقف، لكن الكتاب الورقي، لم يزح عن، مسرح اللا معقول، بل دخل في اللعبة الغامضة، حتى الآن، فزادت كتب الكتاب عددا، كما زاد عدد الكتاب، في انفلات من أي حصار كان، إلى درجة، أن عناوين المطبوع تنوعت، بالرغم من مفاعيل الكتاب الرقمي.. ومعرض القاهرة للكتاب، يمكن حتى غير المختص، من الفرجة على هكذا انفلات... وطبعا القاريء الحصيف، يدرك أن مسألة الانفلات، لا تخص الكتاب، فالعصر السبراني، ما بعد بعد الحداثة، فاعل في مجمل، الحياة والإنسان والعالم، ويطال حتى الكون.

إذا الكتاب حجة قوية مقنعة، والقاهرة، قاهرة الجغرافيا، التي تصنع التاريخ. وفي هذه القاهرة، مازال معرض الكتاب الحدث، وقد يكون الشاهد، على عالم يتغير، عالم أصبح الصبح فيه، رقميا.

وقد تكون هذه الدورة، أو تلك، من المعرض، المؤشر على توديع، العالم الذي نعرف، الكتاب المطبوع على الورق، بعد أن ساد، فأباد الكتاب الجلدي، ما عرف أسلافنا. خاصة وأن الرقمي، تسنده الجوائح، كالكورونا، الملك منذ 2020م، وحتى الساعة!.