Atwasat

تأملات في بازار أول انتخاب رئيس لليبيا

علي شعيب الأحد 19 ديسمبر 2021, 12:40 مساء
علي شعيب

توقفت لفترة طويلة عن كتابة المقالات.. مركزا اهتمامي على تأمل ما يجري بليبيا التي تحولت إلى مجموعة من (السيرك) و (البازار) المضحكة والمبكية في ذات الآن؛ وهذا التأمل قادني إلى نتيجة تذكرت بها صيحة أطلقها المهندس جاد الله عزوز الطّلحي قبل رحيل القرن العشرين الماضي، وتحديدا في أواخر شهر اكتوبر 1999 خلال محاضرة له عندما قال: ((إن الانتماء لهذا الوطن قد بهت عند الكثيرين؛ عند الأغلبية الساحقة))!!

وسأقصر حديثي اليوم على (بازار) ترشح هذا العدد المهول من الطامحين لرئاسة ليبيا، وفي يقيني ان أكثرهم لا يعرفون الفرق بين النظام الرئاسي وبين النظام البرلماني!

فالمهم عند بعضهم هو نيل رضى الدولة او الإقليم الذي يسنده بكل أنواع الدعم المالي واللوجستي والأخبار الكاذبة والملفقة وتلميع صورته في القنوات الفضائية المفتتحة أصلا لهذا العرض ولتدمير ليبيا باعتبار أن حدود الدول لم تعد في عالم اليوم سوى خطوطٍ وهمية!!

وباعتبار أنه إذا استقرت هذه البلاد فإنهم سيعودن إلى سيرتهم الأولى ولن يغني عنهم بترودولارهم شيئا؛ كما لن تعصمهم أبراجهم من التصحّر أو من "المدّ البحري" المنتظر نتيجة التغيّرات المناخية!!

والمهم عند بعضهم أن يدون في سيرته الذّاتية: (مترشح سابق لرئاسة ليبيا)!!

والمهم عند بعضهم أن ينعم بمزايا "رئيس الدولة" التي تمكّنه من أن يسهر في باريس أو موسكو أو الإمارات أو القاهرة؛ وينام في ليبيا؛ وتحت تصرّفه الطائرات والدولارات أو اليورو، وما يتبعهما)!!

ومنهم من لا يجتذبه إلى هذا المنصب سوى أن يشمله قرار "الدّبيبة" الذي أصدره بعد أيام قليلة من جلوسه على كرسي رئيس حكومة ليبيا، وحدد فيه علاوة سكن الوزير بــ 10 آلاف دينار شهريا؛ ولست أدري إن كان راتبه هو مثل الوزير أم ضعفه، باعتباره رئيس وزراء.. وليس ملزما بــ (البعد الأخلاقي) على حد تعبير محاميه الذي برّر له تنصّله من تعهده الخطّي بعدم خوض سباق الرئاسة!!

ولم يعرف عامة الليبيين كم هو راتب الرئيس المرتقب؛ وهل سيكون مثل راتب رئيس مجلس النواب الذي قال إن الــ (16 ألف دينار راتبه الشهري قليل)؛ وهو لم يلتحق بالعمل في البرلمان سوى يومين في الأسبوع، هذا إذا لم يكن مسافرا خارج ليبيا التي لم يبق بها منذ أن تولّى مهمته اسبوعين متواصلين دون سفر على الأقل إلى مصر.

ومنذ ان توصلت السيدة ستيفاني وليامز إلى إعادة تشكيل المجلس الرئاسي والإتيان بمحمد المنفي رئيسا له، خلفا لفائز السراج.. وعبد الحميد الدبيبة رئيسا لحكومة مؤقتة، وأنا أتابع ما يقوم به الرئاسي والحكومة.. وبينهما مفوضية الانتخابات مرورا بالمجلس النيابي ورئيسه، الذي ليته اكتفي بتغييب الليبيين وإنما أمعن في التغييب فمارسه حتى على زملائه النواب الذين انتخبوه رئيسا ليدير جلساتهم؛ فشرع في إصدار القوانين دون التصويت عليها في جلسات معلنة أو حتى مغلقة؛ فتكون هذه القوانين (باطلة). وأكبر دليل على ذلك قانون انتخاب الرئيس، الذي أخبرني برلماني منتخب أنه تعرض في عشرة أيام إلى 9 تعديلات دون أن يعرف جل النواب بهذه التعديلات التي تمت دون تصويت عليها!!

كل هذا ورئيس المفوضية العليا للانتخابات لم يكلف نفسه عناء سؤال البرلمان عن آلية إصدار هذا القانون والتعديلات الـ 9 التي أدخلت عليه أثناء تعليق الجلسات؛ وهو قانون مصيري لكل ليبيا!!

ألم يكن حريا برئيس المفوضية العليا للانتخابات أن يسأل ما إذا كان القانون وتعديلاته قد نالا النصاب القانوني بالتصويت، ويعيدهما للمجلس في حالة الجواب بالنفي؟ أم تراه يخشى غضبت رئس البرلمان فيوقف استمرار رئاسته للمفوضية وهو أساسا ليس رئيسا معينا وإنما مسير للمفوضية غداة استقالة رئيسها السابق. نوري العبار؟!!

إن صمت عماد الشاذلي السايح "مسير" المفوضية العليا للانتخابات على وضعية كهذه نتيجتها عقد انتخابات رئاسية ليبية بقانون باطل!!
فهل ستنتبه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لهذه المعضلة وتجنب نفسها والبلاد كارثة؟!
وهل ستستطيع ستيفاني وليامز أن تنجح في عقد انتخاب اول رئيس لليبيا عام 2021، كما نجح مبعوث الأمم المتحدة "ادريان بلت" في عقد انتخاب أول برلمان ليبي في منتصف القرن العشرين؟!!