Atwasat

تعليم الأطفال في ليبيا بين النزاعات المسلحة وكوفيد19

أريج خطاب الخميس 07 أكتوبر 2021, 09:56 صباحا
أريج خطاب

مقدمة:
شهدت منطقة الشرق الأوسط عددا من النزاعات المسلحة نتج عنها العديد من الضحايا المدنيين كان أكثرهم من الأطفال والشباب.

إن لآثار تعرض الأطفال للعنف عواقب وخيمة تعود على المجتمعات بنتائج سلبية يتبين أثرها على المدى القريب والبعيد ولعل ما ذكره صبحي الطويل رئيس مشروع استكشاف القانون الدولي الإنساني باللجنة الدولية للصليب الأحمر في مقال له نشر بالعدد 839 بالمجلة الدولية للصليب الأحمر بعنوان القانون الدولي الإنساني والتعليم الأساسي يتحدث عن الأطفال باعتبارهم أحد الضحايا المدنيين في الحروب "إذ يتعرضون للعنف خلال النزاع المسلح ويعانون من آثاره أكثر من أي وقت مضى لا بوصفهم ضحايا فحسب بل بوصفهم معتدين أيضا" www.icrc.org
أولا- حق الطفل في التعليم حسب المواثيق الدولية:
جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م المادة (26) "لكل شخص حق في التعليم ويجب أن يوفر التعليم مجانا على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية ويكون التعليم الابتدائي إلزاميا" www.un.org
إلا أن الحديث عن أحقية الطفل في التعليم في زمن النزاعات لم يظهر إلا مع اعتماد اتفاقية حقوق الطفل 1989م www.ohchr.org

ثانيا: تعليم الأطفال في سياق النزاعات:
حسب تقرير منظمة اليونيسيف 19 أيلول الذي يسلط الضوء على 75 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين سن 3 و18 في 35 دولة من الدول المتضررة يتعرضون لعنف عاق وصولهم إلى المدارس وأدى إلى إغلاق عدد من المؤسسات التعليمية بسبب الهجوم عليها وهدمها ناهيك عن الإغلاق المؤقت بسبب كوفيد19 الذي أدى إلى انقطاع أكثر من 90% من الطلاب في العالم عن التعليم. يقول أنطونيوغوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة "يعد الأطفال والشباب في مناطق النزاع في غمرة المعركة التي يخوضها العالم لاحتواء جائحة كوفيد19 من الفئات الأكثر عرضة للخطر جراء الآثار الوخيمة المترتبة على هذه الجائحة... يجب أن نوفر لأطفالنا بيئة آمنة وخالية من المخاطركي يكتسبوا المعارف والمهارات التي يحتاجونها" www.unicef.org
وفي 29 أغسطس 2019 ذكر موقع اليونيسيف في تقرير له أن هناك مايقارب 9.3 مليون طفل ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاما هم خارج المدارس بسبب النزاع المسلح في سوريا والعراق واليمن كما ذكر تعرض مالايقل عن 2160 من المراق التعليمية للهجوم منذعام 2014م.

وناقش ظاهرة التسرب من التعليم إما بسبب الفقر أوبسبب النزاع وأن أطفال المناطق الريفية أكثر عرضة للتسرب بنسبة 3 أضعاف من أقرانهم في المناطق الحضرية وذكر أنه من ضمن أسباب التسرب لمساعدة عائلاتهم أوللزواج أو لبعد المدارس عن أماكن الإقامة.
من أهم النقاط التي وردت في التقريرعن أسباب التسرب والعزوف عن الذهاب إلى المدارس هي انخفاض جودة التعليم في المنطقة وعدم تلبيته أدنى معايير العالمية وفق مؤشر المهارات التأسيسية مثل القراءة والرياضيات والعلوم كما أن اتباع المناهج التي عفا عليها الزمن التي تركز على المعلم وعلى الحفظ والتكرار لاتؤهل الطالب للمهارات الأساسية للتعليم على مدى الحياة وللتوظيف والتمكين الذاتي والمواطنة الفعالة إذ لاجدوى من الذهاب إلى المدرسة. www.unicef.com

هناك مسألة مهمة وهي مسألة الإنفاق على التعليم وإهدار مخصصاته والاستخدام غير الفعال للمال العام. يقول خيري كابالاري المدير الإقليمي لليونسيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مقال له نشر بموقع اليونيسيف عمان 29 أغسطس 2019 "إن نتائج التعلم الضعيفة للأطفال اليافعين في جميع أنحاء المنطقة لا تؤدي إلى المساومة على مستقبلهم فحسب بل يشكل استخداما غير فعال للأموال العامة والموارد التعليمية أيضا" وأضاف إن الإنفاق الحالي على التعليم أقل بكثير من المعيار المتفق عليه دوليا ولا يركز بما فيه الكفاية على تمكين جميع الأطفال بشكل عادي من الحصول على التعليم أوعلى تحسين الجودة" www.unicef.com

ثالثا: تعليم الأطفال في ليبيا بين النزاع المسلح وكوفيد19:
خلال الجهود المبذولة من قبل الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) لإنقاذ الأطفال في ليبيا من التسرب من التعليم بسبب الاقتتال وجائحة كورونا وجدوا أن 348 ألف طفل في ليبيا يعانون نقص الغذاء والرعاية الصحية والتعليم واكتساب المهارات اللغوية المختلفة فضلا عن تلقي الموارد العلمية التي تبني شخصيتهم ومسارهم التعليمي. www.Skynewsarabia.com

وفي بيان صحفي للسيد بيتر ماورير رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتاريخ 13 فبراير 2020 يقول: "إن من بين كل أربعة ليبيين يوجد متضرر واحد من النزاع الذي يدخل عامه التاسع وأفضت أشهر من القتال في طرابلس وفقا للأمم المتحدة إلى إغلاق 13 مرفقا صحيا و220 مدرسة مما أدى إلى تعطيل الخدمات الصحية والتعليم اللذين تمس الحاجة إليهما" وقال في ختام زيارة له إلى ليبيا "إن المدنيين يعانون أشد المعاناة من جراء حرب لايسلم من نارها الأحياء السكنية والمرافق الصحية والمدارس إذ يعيش كثير من الليبيين حياتهم اليومية في حالة خوف مزمن وعدم يقين مع ازدياد صعوبة معيشتهم" www.icrc.org

في الختام لابد أن نعرج على عبارة مهمة وهي عبارة تصدرت البند الأول لإعلان الميثاق التأسيسي في دستور منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم تقول "لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام"
هذه رسالة مهمة ينبغي أن نبدأ بها كلامنا عن التعليم والحروب ونختم بها ونتخذها دستورا نسير وفقه وهي رسالة مباشرة بأن الحروب تتوقف في العقول أولا وبالعقول فقط نستطيع أن نحيا بسلام.. السلام الذي به يتحقق استقرار الأمم.