Atwasat

الكهرباء في ليبيا... المشكلة والحل

آمنة القلفاط الإثنين 05 يوليو 2021, 11:10 صباحا
آمنة القلفاط

كوني أحد أعضاء فريق يعمل في الطاقات البديلة في جامعة الميتروبوليتان البريطانية فقد ناقشنا مؤخرا مشكلة الكهرباء في ليبيا، أسبابها والحلول الممكنة لها، وقد خلصنا إلى أن ليبيا هي إحدى الدول المهمة في إنتاج الطاقة النظيفة، ومن المؤسف أن يعاني مواطنوها من تعطل الكهرباء لسنوات، مع وجود حلول متاحة وميسرة ويمكن تطبيقها بسهولة.

يسعى العالم حولنا في تنافس وتسارع متزايد نحو تحقيق أكبر قدر ممكن من الاستدامة. الأهداف الموضوعة واضحة وهي تحقيق أكبر قدر من كفاية الطاقة وإيجاد بديل سهل ورخيص ومقبول من مصادر الطاقة التي سميت بالطاقة الخضراء، أو الطاقة البديلة المتجددة.

تعتبر الشمس والرياح من أهم مصادر الطاقة في يومنا هذا. ومن خلال تبني استخدام هذه المصادر، تبدو سياسة الحكومات مدروسة وتصب في هذا الاتجاه مع وضع جداول زمنية لتطبيق الجدوى المنشودة. مواطنو الدول المعنية متعاونون في تطبيق الحصة المناطة بهم ومتفهمون لدورهم كشركاء لحكوماتهم لتحقيق الاستدامة والريادة في هذا المضمار. يتبنى مواطنو الدول التي تعتمد استعمال الطاقات البديلة سلوكيات متعاونة لدعم حكوماتهم في سياسة الاستهلاك الرشيدة نحو كوكب أكثر استدامة واخضرار.

تتبنى الدول أيضاً مبدأ ما يعرف بأمن الطاقة، وهو مصطلح ظهر مع اكتشاف النفط القرن الماضي وكان تعريفه محصوراً في ضمان الحصول على حاجة الدول من الوقود الذي يتواجد في دول وتفتقر إليه دول أخرى، مما يشكل تهديدا اقتصاديا للدول التي تستورد النفط. أمن الطاقة يتحقق إذا ضمنت الدولة، خاصة الدول الصناعية الكبرى حاجتها من مصادر الإنتاج بأسعار ملائمة. ولعل هذا ما يبرر التدخل الدولي في شئون الدول المحتكرة لإنتاج النفط وخاصة دول المشرق العربي.

مع زيادة الطلب على الطاقات البديلة وتسارع الدول الكبرى نحو تحقيق الاستدامة، تداخلت عدة أبعاد جديدة في مفهوم أمن الطاقة منها: العولمة، التغيير المناخي، مستقبل الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى السعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من مصادر الطاقة. عليه فإن مصطلح أمن الطاقة تداخل مع عدة مفاهيم أخرى: اجتماعية وسياسية وجغرافية، بالإضافة لبعد آخر وهو نشر ثقافة الطاقة وتعريف الأفراد بدورهم كشركاء فاعلين، في تحقيق أمن الطاقة مع ترسيخ مفهوم الشفافية في طريقة تطبيق واستخدام الطاقة بما يعزز مبدأ الاستدامة.

يتضح لنا أن ثقافة الطاقة والإلمام بجوانبها المختلفة وكون المواطن شريكا فاعلا ومتعاونا في تحقيق هذا المسعى، يختلف من دولة لأخرى بدرجات متفاوتة. هناك دول المواطن بها شريك فاعل من حيث التعاون ومن حيث تطبيق برامج الدولة المساعدة في تحقيق أمن الطاقة، ومشجع لدولته في كل ما من شأنه الرفع من مستوى الفرد ويؤمن تماما، بأن الدولة هي وعاء للمجموع. فيما مواطنو دول أخرى، خاصة الدول التي تتمتع بموارد مالية كبلادنا، لا يستوعب المواطن فيها ما يدور خلف الكواليس، ويبدو وكأن المواطن يدور حول نفسه دون أن يعرف سبب معاناته ولما هذه الحواجز التي تفصله عن معرفة أسباب التخلف ولما هو مستبعد عن المشاركة في الإصلاح؟

بقي أن نعرف أن أهم العوائق التي تعرقل إنجاح الاستدامة وتعميمها، هي وجود رأس المال القادر على تبني مشاريع البنى التحتية للطاقة النظيفة. فتنفيذ مشاريع الطاقة الخضراء تعتبر تغييرا جذريا في استخدام الفحم والوقود الأحفوري والاستغناء عن الوقود الذري نحو موارد أكثر أمناً ونظافة، موارد متاحة وسهلة التداول.

تشير أبحاث الطاقات المتجددة إلى أن الصحراء الكبرى وحدها، يمكن أن توفر للعالم، وليس فقط للدول الموجودة ضمن نطاقها، حاجته من الطاقة النظيفة، من الشمس والرياح. ليس هذا فحسب، بل إن زيادة الغطاء النباتي كنتيجة لمشاريع الطاقة البديلة في الصحراء الكبرى ستحسن إلى حد كبير من سبل الحياة في هذه المناطق الفقيرة التي تعاني في معظمها من شح الموارد.

نعود إلى مصطلح أمن الطاقة المتجددة الذي تختلف أبعاده، كما أسلفنا، عن أمن الطاقة المعتمد على الوقود الأحفوري، ولعل العقبة الكأداء تكمن في التوافق السياسي حول هذا الاستثمار الهائل؛ وقد يكون سبب التدخل الخارجي واسع النطاق في بلادنا من أجل الاستحواذ على هذا الملف. ونتساءل، ما الدور الذي تلعبه حكومتنا في هذا المجال، وما هي خطوات الدولة في السعي لتحقيقه والاستفادة منه؟

ليبيا تعاني أزمة طاقة، ولا زالت الحلول المتبناة هزيلة ومضحكة وتستنفد موارد الدولة، بل إنها تشجع الفساد ليزداد ويستفحل، دون حلول جذرية قائمة على أسس علمية سليمة ومدروسة جيدا ومقبولة.

شبكات الكهرباء في ليبيا التي تمتد لآلاف الكيلومترات، نفذت بطريقة مشابهة لكل السياسات المبنية على النظام الهرمي الذي يهدف لتحقيق مصلحة معينة وأهداف خاصة بعيدة عن الاستثمار الأمثل لموارد الدولة. نحن أمام سؤال يفرض نفسه ونراه في عيون المواطن الكادح، إلى متى هذا الاستهتار؟ إلى متى هذا التقاعس وإهمال الحلول الجذرية التي يسيرعليها العالم؟ إلى متى نهمل تطبيق العلم النافع والاستفادة من الخبرات الليبية الدولية لحل مشكلة الكهرباء، بالإضافة للاستفادة منها كمورد رزق وتوفير فرص العمل، بل وتصدير الفائض لدول العالم حولنا؟
وفق مدير الشركة العامة للكهرباء الليبية، فإن الخطة الاستراتيجية الموضوعة لإنهاء مشكلة الكهرباء اقتضت إبرام عقود مع شركات أجنبية لتنفيذ وحدتي توليد في مدينة مصراته ومشروع آخر لتنفيذ أربع وحدات غرب طرابلس. من المزمع أن تبدأ هذه المشاريع العمل في مطلع ٢٠٢٢ بعقد تبلغ قيمته ٥٠٠ مليون دولار، هذا غير تكاليف تفعيل محطة طبرق شرق البلاد، إضافة إلى التكاليف الباهظة لصيانة المحطات القديمة المتهالكة.

لا يزال المسؤول يدور حول المشكلة، دون حلول ناجعة تتماشى مع التقدم العلمي الرائد في مجال الطاقات البديلة.

للأسف نحن دولة لا تستفيد من خبرات أبنائها ولا تمنح لهم الفرص للاستفادة من علمهم، ويبدو المسؤول بعيدا كل البعد عن معرفة مبدأ التكامل لإيجاد الأفضل.

ما جدوى الأبحاث العلمية التي تتقدم كل يوم بما يسهل حياة الفرد، ولا يزال صناع القرار في بلادنا يفكرون بذات الطريقة دون مواكبة لجديد العلم والسعي للاستفادة منه. أعمل مع مجموعة من الخبراء الدوليين من ليبيا دون قدرة على التواصل مع صناع القرار، وها أنا أتوجه بنداء لعلي أُسْمع من تهمه مصلحة البلاد ويستجيب لهذه الرسالة...

محطات الكهرباء المبنية على استخدام الطاقة الشمسية بأسلوب حديث دون استعمال الوقود في تدوير التوربينات هو أسلوب علمي لا يحتاج سوى بضعة كيلومترات من الصحراء الليبية مع نسبة بسيطة من المبالغ التي ذكرها مدير عام شركة الكهرباء، وتصبح الكهرباء متاحة ورخيصة في مشروع هو الأول في منطقتنا وبإشراف أبناء ليبيا العزيزة.

أتوجه بندائي هذا راجية الاستجابة من ذوي الرأي، متمنية منح الفرصة لخدمة البلاد.