Atwasat

ما حدث في مدينة مانشستر

جمعة بوكليب الخميس 24 يونيو 2021, 11:03 صباحا
جمعة بوكليب

بتاريخ 22 مايو 2017، وبعد قضائه قرابة شهر في مدينة طرابلس الغرب، ووصوله إلى مدينة مانشستر ثاني أكبر المدن البريطانية، حيث ولد وترعرع وتعلم وعاش مع والديه وأخيه، قام شاب ليبي، في بداية العشرينيات من عمره، اسمه سلمان العبيدي، بتفجير انتحاري إرهابي، في إحدى القاعات المخصصة للحفلات الموسيقية.

الانفجار أدّى إلى مقتله، ومقتل 22 شخصاً من الجنسين، أغلبهم، وفقا للتقارير، من المراهقين والأطفال، وتسبب في جرح المئات.

في الأسبوع الماضي، صدر الجزء الأول من تقرير من ثلاثة أجزاء، أعدته لجنة تحقيق مستقلة، برئاسة قاضٍ اسمه جون سوندرز، وحمل التقرير اسمه، يتعلق بتحديد الأسباب، أو بالأصح الإخفاقات، التي أدت إلى حدوث الكارثة، وتحديد المسؤولين عن وقوعها، مع بيان أوجه التقصير المتعددة، ووصفات لعلاجها. الجزء الصادر، خُصص للنظر في الأخطاء التي أرتكبت من المسؤولين الأمنيين في موقع الجريمة، وحالت بينهم وبين اقتناص الفرص، التي كانت متاحة لهم لحماية الجمهور، من خلال تعرفهم على الجاني واعتراضه قبل تنفيذ عمليته.

الجزء الثاني منه سوف يتعرض لإخفاقات عمليات الإسعاف والإغاثة والطواريء بعد تنفيذ الانفجار. 

والجزء الأخيرمنه سوف يتعرض للإجابة على السؤال: هل كان ممكناً للأجهزة الأمنية ومكافحة الإرهاب منع التفجير من الوقوع؟

خمسة إخفاقات رئيسة أكدها القاضي سوندرز في الجزء الصادر من التقرير، حالت دون التعرف على الجاني/ الإرهابي، ومنعه من تنفيذ الجريمة:
1- تهاون المسؤولين الأمنيين في المسارعة باتخاذ ما يلزم من إجراءات أمنية عقب تلقيهم معلومة من مواطن، قبل ربع ساعة من تنفيذ الانفجار، كان قد استراب في الجاني، وسارع بإبلاغ شكوكه ومخاوفه إلى أحد حراس الأمن المتواجدين.

2- تبين انعدام التواصل بين غرفة السيطرة الأمنية وفريق الحراسات في الموقع، بعد سعي أحد الحراس للاتصال بغرفة السيطرة عبر جهاز الراديو لإبلاغهم بشكوك المواطن، إلا أن جهوده انتهت بالفشل.

3- كان من المفترض على فريق رجال الشرطة بالموقع أن يكونوا متواجدين في رواق المبنى لكنهم، لدى حدوث الانفجار، كانوا جميعا يراقبون محطة قطارات قريبة.

4- افتقاد الرصد والمراقبة من قبل الحراس الأمنيين في رواق المبنى حيث كان الجاني متواجداً في ركن منه، وخارج نطاق الرصد الالكتروني، الأمر الذي أضاع فرصة اكتشافه.

5- لم يكن هناك شرطي واحد متواجداً داخل الرواق، في الفترة ما بين الساعة العاشرة والعاشرة والنصف ودقيقة، لحظة حدوث التفجير، في مخالفة للأوامر بضرورة وجود واحد منهم على الأقل.

التقرير أوضح أن الجاني قام باستطلاع المبنى ثلاث مرات أيام 18 و21 و 22 مايو، آخرها كان يوم التفجير. وأنه في ذلك اليوم قام باستطلاع أولي في بداية المساء، ثم عاد إلى بيته وجاء مرّة أخرى قرب نهاية الحفل، محمّلا بعبوته القاتلة في حقيبة وراء ظهره، ومرتديا ملابس ثقيلة تتناقض واعتدال درجة حرارة الطقس تلك الليلة. ولم يتم رصده أو التعرف عليه.

التحقيق بدأ في شهر سبتمبر من العام الماضي، بمدينة مانشستر، وقامت وسائل الإعلام البريطانية بنقل وقائعه، ومثل أمام القاضي سوندرز كل الاشخاص من ذوي العلاقة بالحادثة ومن ضمنهم جرحى، وحراس أمن، وآباء وأمهات تواجدوا في فناء المبنى. ولدى صدوره حظي بأهتمام إعلامي واسع.

انتحار الجاني في حادثة التفجير، أدى بالمحققين في جهاز مكافحة الإرهاب إلى تتبع شقيقه الذي كان متواجدا وقت الحادثة في طرابلس، عقب تبين مشاركته في الإعداد للتفجير.

على الجانب الليبي، ظلت الأسئلة تتأرجح معلقة في الفضاء من دون أن تحظى باهتمام، وكأن ما حدث لا علاقة له البته بنا. قوة الردع قامت، بعد وقت من حدوث الجريمة، وبناء على طلب من الجهات الأمنية البريطانية، بالقبض على هشام العبيدي شقيق المتهم واعتقاله والتحقيق معه، ثم قامت بتسليمه، حيث مثل أمام القضاء وصدر ضده حكم لن يغادر السجن بعده. لكن لا أحد تجرأ على أن يطرح سؤالا يتعلق بالشخص أو الأشخاص، أو التنظيم العقائدي المسؤول عن دفع شاب صغير في السن لارتكاب جريمة بشعة.

شابان في عمر الزهور تعرضا لعملية غسيل دماغ، من قبل أشخاص محترفين، وتحولا إلى آلتي قتل، من دون أن يتعرض المسؤولون عن ذلك العمل حتى للاستجواب. أؤلئك الأشخاص، من دون شك، معروفون للجهات المعنية. لكن الجهات المعنية تبين أنها، للأسف الشديد، غير معنية.