Atwasat

استهداف عقول المسلمين؟

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 20 يونيو 2021, 10:07 صباحا
عمر أبو القاسم الككلي

في مقال قديم له، نشر على صفحته في الفيسبوك، يتحدث محمد خليفة عن "أخلاق العبيد". ولب المقال، في ما بدا لي، يقسم البشر، من الناحية النفسية والسلوكية، إلى قسمين: أخلاق وسلوك الأحرار، وأخلاق وسلوك العبيد. صحيح أنه لم يجعل نفسية العبيد معطى فطريا، إلا أنه يقرر أنه يمكن إحلال هذه النفسية (نفسية قبول العبودية) محل النفسية الفطرية الرافضة لها.

وهو يقرر أن ذلك يحدث من خلال التعليم المبرمج الذي يستهدف ما تمكننا تسميته بـ "غسيل المخ". ويرى أن الغرب يحرص على تعليم أخلاق العبيد لأبناء المسلمين، تحديدا.

لقد درس محمد خليفة في كل من بريطانيا وفرنسا، ومن المؤكد أنه في البلدين كليهما لم يكن يدرس مع المسلمين فقط، وإنما كان يدرس مع أناس من شتى الملل والنحل والمشارب، بمن في ذلك أبناء وبنات المسؤولين في كلا البلدين. لذا فإن القول باستهداف التعليم الغربي لأبناء المسلمين من أجل تعليمهم أخلاق العبيد، قول متسرع لا يستند على أساس.

يضرب محمد خليفة لدعم فكرته مثالا من حياة مالكولم إكس (1925- 1965) الزعيم الأمريكي الزنجي الأسود، يسرد هذا المثال واقعة جرت لمالكولم وهو تلميذ صغير في ثلاثينيات القرن الماضي دار فيها حوار بين مالكولم ومعلمه الأبيض الذي انتبه إلى ما يتمتع به مالكولم من ذكاء وقاد، فسأله عما يرغب أن يكون عندما يكبر.

أجاب التلميذ أنه يرغب في أن يصبح محاميا. عندها رد المدرس:

"مالكوم؛ أول ما نحتاجه في هذه الحياة هو أن نكون واقعيين. والآن لا تفهمني خطأ. نحن جميعاً نحبك، وأنت تعرف ذلك. ولكنك كإنسان أسود لابد أن تكون واقعياً. محام... ذلك ليس خياراً واقعياً للأسود.

عليك التفكير في شيء بإمكانك أن تكونه. أنت جيد في استخدام يديك.. في صنع الأشياء. الجميع هنا معجب بأعمال النجارة التي تقوم بها، لماذا لا تتوجه للنجارة؟ الناس تحبك كشخص.. وستحصل على كل أنواع العمل."!

حقيقة الأمر أن هذا الموقف يتخذ، في أمريكا، إزاء الزنوج جميعا أيا كانت ديانتهم، وليس الزنوج المسلمين وحدهم. كما أن التعليم، في أي مكان من العالم، بما في ذلك البلاد الإسلامية، يستهدف هذه العملية، عملية التدجين. وقد كان الفيلسوف الفرنسي الماركسي لويس ألتوسير أول* من تكلم، بشكل محدد ومركز، على هذا الجانب، وذلك من خلال دراسته الشهيرة والمهمة التي عنوانها: "الآيديولوجيا وأجهزة الدولة الآيديولوجية". فالدولة، حسب ألتوسير، "آلة" قمعية تمكن الطبقات الحاكمة من تعزيز سيادتها على الطبقات الأدنى في المجتمع. وهكذا تكون الدولة، في نهاية الأمر "ما أسمته الكلاسيكيات الماركسية أجهزة الدولة".

وهو يفرق بين "سلطة الدولة" و "أجهزة الدولة"، حيث تختص الأولى بـ "الحفاظ على سلطة الدولة أو الاستيلاء على سلطة الدولة، الذي هو هدف النضال الطبقي السياسي". وتمثل الثانية الأجهزة التي تستخدمها سلطة الدولة في إدارة الدولة.

* ينظر عمر أبو القاسم الككلي، المدرسة وإعادة الإنتاج الآيديولوجي. http://alwasat.ly/news/opinions/210193?author=1