Atwasat

رمضان..

صالح الحاراتي الثلاثاء 27 أبريل 2021, 11:05 صباحا
صالح الحاراتي

الصوم ركن من أركان العبادات فى الإسلام يمتد شهرا كاملا، بخلاف الشعائر الأخرى التى لا تأخذ زمنا مثله.. وعلاقتنا بشهر رمضان علاقة وثيقة وقوية.. أنا مقتنع بما سمعته يوما على لسان الشيخ "محمد بن عليوه" رحمه الله، حيث يقول.. إن الشعوب والمجتمعات العربية تتباين فى اهتمامها ودرجة اقترابها وعلاقتها بالشعائر الدينية.. فالحج هو الشعيرة الأكثر اهتماما فى المغرب، والصلاة هى الأكثر اهتماما فى مصر، أما فى ليبيا فيأتي الصوم فى المقدمة وهو الأكثر اهتماما.

مع اقتراب شهر رمضان نتذكرعادة شراء أوانى طهي جديدة، وكأنه ترحيب بالشهر. وهناك ضرورة لاستقباله بشراء الجديد كما يحدث فى شراء الملابس الجديدة فى العيد.. ورغم تنوع المأكولات فى رمضان نتذكر أن سيدة المائدة هى "الشربة الليبية" التى تملأ رائحتها الطيبة كل الشوارع وبكل الأحياء.

ونتذكر كيف كان تشجيع الأهل للصغارعلى الصيام بأن يصيموا نصف يوم ثم يقنعونهم بنصف اليوم التالى ويقولون لهم لقد تمت خياطة النصفين وصار لكم صوم يوم كامل!. ويتشجع الصغار وأحيانا يكملون الصوم حتى المغرب ويكون ذلك مبعث فخر لهم وعنوانا للرجولة!.

ذكريات رمضان لا تنتهي ولا تنقطع بمرور السنوات، ولنا فيها ومعها ذكريات لطيفة، ويمكننا العودة إلى الماضي لنرى كيف كانت البساطة والعفوية عنوان تلك المرحلة الزمنية.. ونستعيد ذكريات الطفوله الجميله البريئه لنضحك سويآ على الأيام التى ذهبت ولن تعود.. ولا زلت أذكر أيام شهر رمضان زمان جيداً وفى مرحلة الطفولة وكأنها بالأمس، فالذاكرة تحتفظ بذكريات جميلة لا يمكن أن تنسى...أتذكر وأنا طفل، ومع أول محاولة للصوم، حاولت أن لا أصوم نصف يوم كما يفعل الصغار ولكن عزمت على صوم يوم كامل، وبعد أن مضى نصف النهار كنت متعبا جدا ليس عطشا ولا جوعا ولكن لأننى كنت أظن أن الصيام يعنى الامتناع عن كل شيء ويسرى أيضا على عدم الذهاب "لدورة المياه"!!. وبينما كنت أبدى تعبي انتبهت الوالدة لذلك وبينت لى وهى ضاحكة بأن الصيام لا يعنى "عدم التبول"! فاسرعت وقضيت حاجتى وكانت سعادتى غامرة وقلت لهم ما أسهل الصوم ما دام الأمر كذلك.

مضت سنين وكلما أتى رمضان تأتي معه الأسئلة التقليدية فى كل عام.. هل معجون الأسنان مفطر!!.. وهل قطرة العين والحقنة فى العضل تبطل الصوم! وما إلى ذلك. وهذه الأسئلة مادة شبه دائمة لبرامج الفتاوى على القنوات المسموعة والمرئية.

عندما كبرت و (كنت مدخنا شرسا) كنت أعاني من الصوم ولا أطيقه، وكنت لا أختلط بأحد وأقصى ما أفعله أن أخرج للتسوق بعد العصر لإحضار ما يحتاجونه في البيت. ويحدث كثيرا أن أحضر أشياء بشكل متكرر لسنا فى حاجة لها!!.

ومما أذكره أيضا أننى كنت أذهب بعيدا لضواحى المدينة لكى اشتري الحليب الطازج و (خبز التنور).

مضت السنين وأخيرا تركت التدخين وصار أمر رمضان أسهل وأجمل ولم أعد أخرج للتسوق بلا هدف ولكنى أطوف حول بيتى وأهتم بالحديقة التى بها "النعناع" والريحان "الحبق" والإكليل.
رمضانكم مبروك.