Atwasat

ما لا يقال: واجب الحكومة!

عبدالواحد حركات الثلاثاء 20 أبريل 2021, 04:57 مساء
عبدالواحد حركات

كيف نرى ما لم نعتد على رؤيته من قبل!.
الحياة تتجه إلى نمط جديد مختلف نوعياً في جميع الأوجه عن كل ما عهدناه واعتدناه وألفناه، والتحولات شملت كل شيء ولم تعد بسيطة وسلسلة ومتوقعة أو مدركة كما كانت من قبل، بل أصبحت مفاجئة وسريعة ومثيرة وأحيانا انقلابية، ولم نعد ندرك ما يحدث حتى نجده قد حدث وأصبح واقعا يقتحمنا ويقحمنا في نمطٍ حياتي جديد، متجاوزاً عتبة الخيال أحياناً!.

تلاشى الخيط الرفيع الذي يفصل الأضداد، ولا يمكن تحديد الفارق بين التعقيد واليسر في الأنظمة كافة، فأساليب التنظيم وتفاصيله ازدادت أهميتها، وحساسية النظم تزداد بسرعة فائقة لأي تغيير في هياكلها ومكوناتها، وبات التعقيد متمثلاً في عدد الترتيبات المحتملة لعناصر النظام والبدائل التي ينبغي إدارتها، وتزداد درجة التعقيد بازدياد عدد العوامل بعمليات صنع القرار، وكذلك القضايا التي تحتاج لاتخاذ قرارات فيها، ولتبسيط التعقيد في عمليات صنع القرار يفترض أن تعتمد جهات اتخاذ القرارات على تحليل الاتجاهات، وتكوين هياكل مؤسساتية أفقية مناسبة لتعدد القضايا وسرعة التغيير، وتلجأ إلى أساليب الدمج والتركيز على الكفاءة والفعالية، وإتقان إدارة التوازن بين المرونة والهيكل!.

لا ينفع الركض بالاتجاه الخطأ!.
عمر حكومة دبيبة (5760) ساعة فقط، ويعتقد الجميع أنها ستحقق المستحيل خلال هذه الساعات، دون مراعاة أن هذه الحكومة معلقة ما بين يا ليت وآمين، وأنها منقوصة السيادة ومحاطة بالسلبيات والشركاء غير المباشرين، وتخضع لضغوطات داخلية وخارجية ومحاذير التعامل مع المخاوف المتعلقة بضمان التهدئة، وتعاني الحكومة من انعدام الكفاءة لضعف هياكل المؤسسات وعدم وضوح عمليات العمل وكذلك عدم وضوح الاتجاهات والأهداف، وليس لها أجندة أزمة معلنة تتيح للمحللين والخبراء والمتخصصين والأكاديميين ووسائل الإعلام مناقشتها وتحليلها وتقييم إنجازها وفعاليتها ومعرفة غاياتها وأهدافها، أي أن الحكومة تعمل بشكل منقطع ومنعزل عن نخب المجتمع وعن الجموع!.
المستقبل لن يلبي توقعاتنا بصورة كاملة!.
ربما تتم تعميتنا عمداً عن حقيقة أن الأزمات والقضايا والمشاكل متأصلة ومتجذرة بعمق في الهياكل المؤسساتية والعمليات السياسية والإدارية للسلطات التشريعية والتنفيذية، وأن إغفال ذلك يعرقل الإصلاح على جميع مستوياته، وتأجيل معالجة مشاكل النظم والتنظيم الإدارية سيولد مشاكل جديدة، فليس هنالك رؤى مستقبلية يمكن تحقيقها بمؤسسات تعاني من سوء السلوك الإداري وانعدام الكفاءة، والاستمرار بذات النهج والأدوات سيؤدي إلى عودة ظهور المشاكل المعتادة على السطح مرة أخرى!.

إن العقدة الأساسية التي يتعين حلها هي ضعف المؤسسات وتدني فعاليتها وكفاءتها وقدرتها على التعامل مع الأزمات والمشاكل، فينبغي اتخاذ إجراءات سريعة لإصلاحات هيكلية وتنسيق السياسات ووضع استراتيجيات مبنية على أسس اللامركزية، فالتدهور الاقتصادي الذي سارعت الحكومة لاتخاذ قرارات بشأنه يعد انعكاساً مباشراً للتدهور السياسي والإداري، وتجاهل التغيرات والتحولات البنيوية العميقة في السياسة والاقتصاد والأسواق وتأثيرات التكنولوجيات سيحدث انفصالا دراماتيكيا في السياقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لا محالة، ويؤدي حتماً إلى كارثة اقتصادية تمتد تأثيراتها لسنوات طويلة!.

المصادفة المتكررة لم تعد مجرد حدث، بل إشارة!.
الركض بين العواصم وإغراء الشركات بالكعكة الليبية ليس صواباً، فما ينتظره الليبيون لن تقدمه الشركات العالمية، بل ينبغي أن تقدمه الحكومة ويفعله الليبيون أنفسهم، والأجدر هو فرض قيود إضافية على الشركات الأجنبية، وإجبارها على وجود شريك محلي بمشروعاتها، وهذا ما يفرض بالضرورة إجراء إصلاحات لهياكل الشركات العامة، ومعايرة الشركات الخاصة وتنظيمها لتكون بمستوى شراكة الشركات الأجنبية، ولتكون ضمانا لتطور الاقتصاد الليبي وتنمية الخبرات وتطويرها.

واجب الحكومة استثمار ما تبقى لها من ساعات وإزالة جميع العقبات التي تعيق قنوات التنمية، وترتيب الأوضاع الداخلية ومعالجة الملفات الإدارية والأمنية والنقدية، وزيادة إمكانات النمو في القطاعين العام والخاص، ورفع درجة القدرة التنافسية للشركات الخاصة عبر ضوابط قانونية، ووضع سياسات اقتصادية تعمل على تحقيق فائض في ميزان المدفوعات بشكل يدعم سعر العملة المحلية.
ليس الحجر الذي بالطريق هو العقبة، بل الحصاة التي بالحذاء!.