Atwasat

(المزبلة العملاقة)!!إنكم أناس بائسون منعزلون!..

صالح الحاراتي الإثنين 19 أبريل 2021, 12:32 مساء
صالح الحاراتي

أنتم مفلسون.. انتهى دوركم.. اذهبوا إلى حيث تنتمون من الآن فصاعدًا أنتم في مزبلة التاريخ".

هذا التعبير هو على لسان (تروتسكي) واستخدمه ردًا على الذين انسحبوا من مؤتمر السوفيتيين الثاني، المنعقد في بتروجراد في 25 أكتوبر 1917، وكانت النتيجة أن تمكن البلاشفة من السيطرة على الحكم .

المزبلة العملاقة هي "مزبلة التاريخ" تلك العبارة الشائعة جدا والتى يكثر استعمالها من أعداد كبيرة من المتحدثين.. فكل من يريد أن يتخلص من شخص أو رأي أو فكر يقول:
سألقيه أو ألقيها فى مزبلة التاريخ.

وعلى ذلك الحال، تبدو مزبلة التاريخ هذه، مزبلة عملاقة تشابه "الثقب الأسود" فى كوننا الجميل، أي مزبلة متسعة بشكل خرافي، وينتهي فيها كل شيء، لأنها تحمل كلا من الأفراد والرؤى والأفكارعبر الزمن وبلا حدود! ولذا قلنا تشابه "الثقب الأسود" الذى هو عبارة عن بؤرة مظلمة فى الكون تصل فيها الجاذبية إلى مستوى هائل، بحيث يستطيع أن يجذب إليه كل شيء، حتى إنه يستطيع أن يمتص الضوء. ومع مرور الوقت، تبتلع هذه الثقوب موادا أكثر، فتكبر شيئا فشيئا ويتسع نطاقها.

مزبلة التاريخ (أو في بعض الأحيان يُطلق عليها مجمع نفايات التاريخ أو صندوق قمامة التاريخ أو مكب نفايات التاريخ) هي مكان رمزي يتم فيه إلقاء كل ما لا يروق لك من الأشياء كالأشخاص والأحداث والأيديولوجيات

ومن المضحكات أن هناك من هو فى مزبلة التاريخ ويدعو لرمي البعض الآخر من الناس أوالآراء فى مزبلة التاريخ. ولذا فإما أن هناك مزبلتين أو أن صاحبنا فاقد الإدراك لموضعه.. فأحيانا من يلقي بالأشخاص أو الأفكار فى مزبلة التاريخ هو من به شيء من التعالي والكبر مما يحدث غشاوة على بصره وبصيرته فلا ينتبه إلى أنه فى قلب مزبلة التاريخ..

والمفارقة أيضا أن من يستحق عند البعض أن يلقى فى مزبلة التاريخ، قد يكون عملاقا يستحق التكريم والتقديرعند آخرين.

هل هناك ضرورة (رمزية) لوجود مزبلة التاريخ؟ وهل هناك أفكار وآيديولوجيات وأشخاص تستحق أن نرميها فى ذلك الثقب الأسود المسمى مزبلة التاريخ؟

وإن كانت الإجابة بنعم، هل بإمكاننا الجزم وتحديد تلك الأفكار؟

البعض يقول إن هناك أفكارا بالية:
أي مُتخلّفة، عفَّى عليها الزَّمن ويجب أن تلقى فى مزبلة التاريخ. بينما لا يَزَالُ هناك من يُدافِعُ عن تلك الأفكَار البالِيَةٍ العَتِيَقة التي لا تُلاَئِمُ العَصر.

أحيانا يأخدني تأمل لفظ المزبلة كمصطلح إلى تكوين فكرة عن عقلية القائل وهل هي جزء من عقلية الإقصاء وعدم قبول الآخر المختلف.. وأن الاتكاء بشكل متكرر على تلك العبارة ليس إلا جزءا من الخطاب الشعبوي الديماغوجي الذى يظن صاحبه أنه يستأثر بامتلاك الحقيقة ويسم غيره بكل الرذائل ويدعو لإلقائهم فى ذلك الجب الوهمي المسمى مزبلة التاريخ

ويا ليت كل من استهوته فكرة رمي البعض الذين يكرههم، أو الذين لا يتفق معهم في المزبلة، أن يتأنى قليلا وعليه أن يقوم بواجبه فى تأمل كل أمر أو رأى يعرض عليه قبل أن يتخذ قراره أو يحدد موقفه.

على كل حال، قرأت أخيرا خبرا جيدا يقول أن هناك دراسة تؤكد أن العالم بحلول سنة 2050 سيكون بلا نفايات، نظرا لانتشار صناعة تدوير النفايات، فيا ترى هل تختفي عند ذلك المزابل ويصبح عندها تعبير مزبلة التاريخ بلا معنى.