Atwasat

الجامعة والكتب الصفراء.. ولِمَ ينبغي لكلية اللغات صنع التغيير؟

عبد الكافي المغربي الأحد 04 أبريل 2021, 08:56 صباحا
عبد الكافي المغربي

الكتب الصفراء، لطالما خلع المحافظون والأصوليون العرب هذه الصفة إرادة الإهانة على عناصر من الفكر الإنساني تكون بمثابة عوامل إنقاذ ودفع للأمام. ويهبط علينا هذا التصنيف وما تتذيله من معان سلبية داخل المؤسسة الأكاديمية، فيقع في المستنير وقعا أليما، ويهبط هبوطا مفجعا.

بلغني أن في قسم علم النفس بكلية الآداب بجامعة بنغازي، وعوضًا عن تعويض التخلف الخطير الذي نعجز في ظله عن حرق المراحل الفاصلة بيننا وبين العالم المتقدم في ميادين الفكر والتقنية سواء، والذي يمنع طلابنا من الفوز بقبول الجامعات الغربية، تصف أستاذة جامعية كان من المفترض أن تكون النور وسط هذه العتمة فرويد بـ"الحرام" وتؤكد لطلابها أنها ستبسط لهم الأفكار وتسلخ عنها ما يتعارض مع الأرثوذكسية المحافظة المدانة دائما بتخلف الأمم العربية والليبية بشكل خاص. وهنا أسأل ماذا سيبقى من المساهمة الفرويدية في علم النفس إذا نجحت الأستاذة في مهمتها؟

التعليم في العالم العربي في أزمة خانقة خطيرة، يقول المؤرخ الأمريكي تشيس روبينسون في مقدمة محاضرته عن العصر الذهبي للإسلام، وذكر أن 6% فقط من مساهمات البحث العلمي في العالم تنشرها مؤسسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، 80% من تلك المؤسسات أمريكية في الأساس. وهذا كان ينبغي أن يدق ناقوس الخطر، وأن يكون أخلق بالمداولة والبحث ثم والمعالجة من اللغط الدائر حول رفع الدعم عن المحروقات من عدمه.

أين الحكومات العربية التي تشغلها ميزانيات ضخمة من هذه المعطيات المخيفة؟ وكيف يمكن أن يكون لنا أمل في القفز إلى الأمام وتجاوز الأزمات وتحقيق السيادة على أوطاننا والتنمية لناشئتنا وتأمين والحرص على استبقاء خبراتنا إذا ركدت المؤسسات البحثية، مراكز التعليم العالي التي لطالما قادت حركات التغيير في العالم ومثلت أرقا للتيارات المحافظة خلال القرن الماضي أم أنها هي مؤامرة الطبقة السياسية الفاسدة التي ألفنا، لممارسة التعمية والتجويع في أمل غرير ببقاء الأحوال على ما هي عليه؟

أتاح لي موقعي كمعيد بقسم الأدب الإنجليزي بكلية اللغات بجامعة بنغازي الظهور على خطوات تتخذ لمواجهة الأزمة، في انشقاق أقسام اللغة الفرنسية والإنجليزية والإيطالية عن كلية الآداب، وتكثيف الدراسات الأدبية فيها ومقررات أكثر اتزانًا ووعيًّا أكبر بضرورة تكثيف الإحاطة بالتجربة الإنسانية وإشباع الأدب لرغبات التغيير في سائر الحضارات، والتخطيط لدورات لغات مكثفة للطلاب قبل قبولهم الكامل في الأقسام بسبب تدهور تعليم اللغات في المدارس الليبية. غير أن الملحات أعظم، أشدد، وحتى تستيقظ المؤسسة البحثية الليبية من سباتها الطويل يجب التأكيد على مسؤولية الحكومة عن دعم ومراقبة التعليم العالي، كون التعليم الليبي مجانيًّا ويعتمد على تمويل الدولة ولا يستفيد من الجزاءات الضريبية، والتأكيد على الإجراءات العقابية للمتخلفين عن البحث العلمي ومن يضرون بمعرفة الطلاب بمجالهم معرفة كافية. فإذا غاب التخطيط، وساد الطبيخ، في سائر مستويات الإدارة بالدولة، ستكون النتيجة حشودا غوغائية فقيرة وشبابا عاطلا يشكل ضررًا على المجتمع ولا يحقق النفع المرجو من الطاقات الشبابية دائمًا.