Atwasat

ضحايا منسيون: (1) ذوو الاحتياجات الخاصة بين الواقع والحقوق

أريج خطاب الإثنين 29 مارس 2021, 10:39 صباحا
أريج خطاب

يعيش الطفل الليبي ظروفا استثنائية في ظل الحرب وتوابعها وأزماتها، فكيف بطفل يعيش ظروفا خاصة وله احتياجات ومتطلبات تتجاوز احتياجات الطفل العادي.

في بداية الحديث وقبل الولوج إلى موضوعنا الأساسي، وهو مشكلة تلقي هذه الفئة العلاج داخل البلاد، لابد أن نشير إلى الوضع القانوني لهذه الفئة ومدى تطبيقه على أرض الواقع، حيث يذكر د. أبوبكر عبد الجواد المنصوري (عضو هيأة تدريس بقسم التربية الخاصة وعلم النفس جامعة عمر المختار) أن لهذه الفئة إحدى عشرة منفعة حسب القانون رقم (7) لعام 1987 الضمان الاجتماعي إلا أن الدولة لاتكلف نفسها متابعة تنفيذ هذه المنافع. إذ تعاني هذه الفئة من غياب أبسط حقوقها، وهو توفير الأجهزة التعويضية والمُعِينة وتيسير ارتيادهم للأماكن العامة، إذ لاوجود لمداخل مخصصة لهذه الفئة في المؤسسات الحكومية والخاصة ووسائل النقل. كما تعاني هذه الفئة عدم وجود مكاتب دمج داخل المؤسسات التعليمية ناهيك عن غياب الخدمات المنزلية التي من المفترض التزام الدولة بتوفيرها حسب القانون، بالإضافة إلى 5% حقهم من الملاك الوظيفي والإعفاء من الضرائب حال قيامهم بنشاط تجاري، واكتفت الدولة بقيمة مالية رمزية. هذا القانون لم يضف إليه أي تعديل حتى عام 2012 حيث أضيف إليه ملف جرحى الحرب من المبتورين وفاقدي الأطراف.

بالإضافة إلى ماذكرت، يعاني الأطفال من هذه الفئة وذووهم أزمة تلقي العلاج داخل البلاد مما يضطرهم لإنفاق أموال طائلة لعلاجهم خارجها، على الرغم من وجود مراكز داخل ليبيا تعنى بهذه الفئة، نذكر منها على سبيل المثال في مدينة البيضاء مركز الجبل للصم والبكم، مركزالإشراقة التابع لقسم شؤون المعاقين بالهيأة العامة لصندوق التضامن الاجتماعي، وهو مركز أنشيء عام 1997 من خلال مقترح قدمه د. أبوبكر المنصوري وعدد من المهتمين والمختصين تمت الموافقة عليه من قبل الهيأة العامة لصندوق التضامن تسلموا بناء عليها مقرا خصص لهم عام 1997.

يستهدف هذا المركز الحالات القابلة للتعلم من هذه الفئة ويستخدم (الخطة الفردية) للتقييم الشامل، أي تقييم شخصي لكل حالة على حدة ولايكتفي بمجرد استخدام مقاييس واختبارات عامة ويهدف هذا المركز إلى تأهيل هذه الفئة لتصبح جزءا من المجتمع عن طريق تعليمهم مهارات حياتية من خلال البرامج التأهيلية والتربوية التي يقدمها خلال الفترة النهارية فقط.

وفي عام 2012 تبنى د. فتحي الدايخ (الأستاذ بقسم علم النفس بجامعة عمر المختار) بمجهودات ذاتية إنشاء مركز غير ربحي يحوي سبعة عشر فصلا تعليميا، وغرفة مهارات حياتية، قاعة ألعاب، قاعة محاضرات، قاعة معيشة خاصة بالأطفال وأخرى خاصة بالعاملين، قاعة رياضية وقاعة اجتماعات. وقد تولت الدولة منذ فترة وجيزة دعمه بشكل جزئي.

ومن الجدير بالذكر إنشاء قسم التربية الخاصة وهو قسم يتبع كلية التربية جامعة عمر المختارعام 2019- 2020 أسسه البروفيسور صالح الغماري_رحمه الله_ وهو أول قسم أكاديمي ينشأ داخل البلاد يعمل داخل هذا القسم عدد كبير من الأساتذة المختصين في هذا المجال وهم من خريجي جامعات عالمية ذائعة الصيت.

أقصد من خلال هذا الاستعراض امتلاكنا نواة وحجر أساس لمراكز علاجية مستقبلية سوف تكفي الدولة إنفاق أموال طائلة نظير تلقي هذه الفئة العلاج خارج البلاد حيث ذكر د. هشام فتحي (عضو هيأة تدريس بقسم علم النفس جامعة عمرالمختار) بأنه في عام 2017 خلال زيارة فريق من المختصين والإداريين بإدارة هيأة التضامن الاجتماعي للمملكة الأردنية لحصر الفواتير المتعلقة بعلاج الأطفال الليبيين من هذه الفئة وجدوا أن هذه الفواتير تجاوزت 20 مليون دينار أردني، أي ما يعادل 200 مليون دينار ليبي بسعر صرف السوق الموازية، هذا المبلغ تم دفعه لعدد 14 مركزا استقبل عددا من الأطفال من هذه الفئة.

الأنكى والأشد إيلاما فيما ذكرت ليست فقط الفواتير بل إن عددا كبيرا من هؤلاء الأطفال تم تشخيص حالاتهم على أنهم يعانون من اضطراب التوحد ووضعوا في مراكز خاصة به لننتقل من أزمة ديون خارجية للدولة في مراكز تأهيل خارج البلاد إلى قضية فساد كبرى وهي المتاجرة باسم هذه الفئة لكسب الملايين.

هذا عرض مبسط للإمكانات العملية والتعليمية والمراكز الحكومية والتطوعية التي تعنى بهذه الفئة داخل مدينة البيضاء وهي قابلة للتطوير وللتوسع لتصبح مراكز علاجية كبرى.