Atwasat

اختطاف سالم الكبتي!

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 28 فبراير 2021, 07:04 صباحا
عمر أبو القاسم الككلي

تعرفت على سالم الكبتي سنة 1974 في جامعة بنغازي لأنه كان يعمل بمكتب الجامعة، وكنا أحيانا نلتقي بمقهى كلية الآداب، ضمن آخرين. ورغم أنه كانت بيننا مودة وتقدير، إلا أننا لم نكن صديقين شخصيين. فلم نكن نلتقي خارج الجامعة بناء على اتفاقات مسبقة.

كانت سعة ثقافته واضحة، وكان واضحا انغماره في التحصيل الثقافي وإخلاصه لها، وتمسكه بالموضوعية والأمانته العلمية، التي لا ادعاء فيها. والتقينا في مناسبات ثقافية قليلة، أبرزها المؤتمر الحادي عشر لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، الذي استضافه اتحاد الكتاب والأدباء الليبيين، الوليد حينها، في طرابلس.

بعد الخروج من السجن التقيت بسالم الكبتي في بنغازي سنة 1989 بمناسبة انعقاد مئوية أحمد رفيق المهدوي. فأخبرني سالم أنه ترك العمل في الجامعة بعد اعتقالنا مباشرة، لأنه أُخذ ذات يوم من قبل مجموعة من عصابات «اللجان الثورية» من وسط الجامعة، قبل الظهر، وذهبوا به إلى منطقة مهجورة وضربوه بالعصي بعنف، إلى درجة أنهم ضربوه بالعصا على وجهه!. قال سالم: «أول مرة نسمع إنسان يضربوه بالعصا على وجهه!. حتى الحمار ما يضربوشي على وجهه!». كانت العصابة تريد منه أن يشهد بأني أنا والصديق علي الرحيبي ننتمي إلى تنظيم شيوعي اختلقوا وجوده*.

ولقد كانوا من العزة بالإثم إلى حد أنهم عادوا به إلى الجامعة ووجهه وملابسه مضرجة بالدماء.

يروي سالم الكبتي أن زملاءه في العمل ذهلوا مما هو عليه، ما جعل رئيسه في العمل بالمكتبة يطلب منه الذهاب إلى بيته. لكنه قرر الذهاب إلى مقر الأمن في مدينة بنغازي بحالته تلك وعرفهم بنفسه وروى لهم الحادثة وطلب منهم أن يعتقلوه إن كان لديهم أي شيء ضده!.

تصادف أنه في تلك الفترة كانت الأجهزة الأمنية متضايقة من عصابات «اللجان الثورية» لأنها تسلبها اختصاصها. فطلب منه الضابط المسؤول الذهاب إلى مركز الشرطة الذي جرت ضمن نطاق مسؤوليته الواقعة لتقديم شكوى وفتح محضر. ضابط الشرطة كان شجاعا فطلب عرضه على طبيب شرعي لإثبات آثار الاعتداء. وتطور الأمر إلى أن تأخذ القضية المجرى القضائي. لكنها حفظت** بتعليمات، مثلما يعتقد سالم، من معمر القذافي نفسه.

–––––––––––––––––––
* حدث نفس الأمر مع الصديق الفقيد صالح عبد الله العوامي. وعندما رفض أن يشهد زورا أضافوه إلينا في السجن وقضى فيه سنة وخمسة أشهر.
** هذا يعني، قانونيا، أنه بالإمكان إعادة فتح القضية في أي وقت.