Atwasat

الإنسان والحيوان: اعتماد متبادل

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 14 فبراير 2021, 11:57 صباحا
عمر أبو القاسم الككلي

الإنسان والحيوان ينتميان، طبيعيا، إلى مملكة واحدة، ويشكلان، مع النبات، دائرة غذاء، وبالتالي حياة، واحدة. فبعض أنواع الحيوان تتغذى على النبات وبعضها يتغذى على الحيوانات الأصغر والأضعف، ويعتمد الإنسان في غذائه وعيشته على النبات والحيوان. فالإنسان ابن الطبيعة ويظل جزءا منها مهما تطور واكتسب قدرا واسعا من الاستقلال عنها والسيطر عليها.

والعلاقة بين الإنسان والحيوان معقدة، فمن جانب فيها اعتمادعلى الحيوان مدبر من قبل الإنسان في الغذاء والعمل (في النقل والزراعة وبعض) وفي الحروب (استخدام الحصان) وفي الحراسة ومكافحة بعض الحيوانات الضارة بمصالح الإنسان (الاعتماد على الكلاب والقطط)، ومن جانب آخر اعتماد غير مدبر من قبل الحيوان على الإنسان مثل اعتماد الطيور والفئران، جزئيا على الأقل، على ما يزرعه الإنسان من حبوب وأشجار فاكهة أو يخزنه من غذاء، واعتماد الذئاب والثعالب، جزئيا، على الحيوانات التي يربيها الإنسان وقابلة للافتراس من قبلها.

وبغض النظر عن أن بعض الحيوانات قد قدس وعبد، فهناك حيوانات ممدوحة لدى الإنسان، مثل الغزلان والظباء التي يشبه بها الرجال، شعراء وغير شعراء، قدود حبيباتهم، وحيوانات ترمز إلى الجبن، مثل الأرانب، وحيوانات توصف بشدة الذكاء، كالذئاب والثعالب، وحيوانات ترمز إلى البطء، مثل القنافذ والسلاحف، وحيونات أخرى تمدح حينا وتسب حينا آخر، مثل الكلاب التي تمدح لوفائها وتسب لسلوكها وعدم أهميتها، وحيوانات تسب دائما، مثل الضربان والقرود والفئران والجرذان.

في ليبيا، زمن القذافي، دخلت الحيوانات مجال الاستخدام السياسي. فقد استخدمت الجرذان كنعت سباب من قبل طرفين متناقضين، المعارضة السياسية (معلنة أو مضمرة) وعن طريق الأدب، ومن قبل القذافي وإعلامه لوصف المعارضة. فعلى المستوى الأول كتب الكاتب الليبي منصور بوشناف، أواسط سبعينيات القرن الماضي، مسرحية اختار لها عنوان "عندما تحكم الجرذان" أثارت حفيظة النظام حينها وكانت عاملا أساسيا في سجنه لمدة اثني عشر عاما.

وعلى المستوى الثاني استخدمها القذافي وإعلامه لوصف المنتفضين ضده في فبراير 2011، حيث أطلق عليهم اسم "الجرذان". وللقذافي سابقة أخرى في إطلاق أسماء حيوانات على معارضيه، حيث وصف المعارضين الليبيين بالخارج بأنهم "كلاب ضالة". لأن الكلاب تنقسم إلى قسمين، قسم يستفاد منه في الحراسة ويوصف بالوفاء لصاحبه، وقسم سائب أو ضال يشكل خطرا على البيئة والإنسان.