Atwasat

العين في الموروث الشعبي الليبي

عبد السلام الزغيبي الإثنين 08 فبراير 2021, 09:48 صباحا
عبد السلام الزغيبي

كنت قد كتبت موضوعا سابقا تطرقت فيه إلى العين والحسد في الموروث الليبي، حيث يعتبر الليبيون العين أقوى تأثيرا من الحسد، لأن الحسد ينقلب على الحاسد (زيدي جمر يا نار الحسود… نار الحسد الحاسد تعود)، أما العين فلا يردها شيء وإصاباتها قاتلة ودمارها شامل.

تكشف العين أحوال النفس وتفضح خفاياها وتعكسها على صفحة الخارج، ولذلك قيل في التراث (الصبُّ تفضحه عيونُه) فهذه عين عاشقة أو فرحة وأخرى حزينة أو كسيرة وهذه عين جريئة، وتلك عين جامدة أو سارحة وما إلى ذلك من مسميات تتوافق مع تقلبات النفس البشرية. وقد حظيت العين أكثر من غيرها من جوارح الإنسان بمكانة خاصة في الموروث الشعبي العربي مثل غيره من الموروثات، وحمل هذا الجزء الهام من جسم الإنسان مدلولات رمزية كثيرة انعكست في المعتقد الشعبي السائد والمثل السائر والحكاية والخرافة، فالعين في التراث هي (مغرفة الكلام) وهي رمز الحسد والجشع ومرآة النفس ورمز للمناجاة في التراث الغنائي الشعبي منذ مئات السنين من خلال العبارة المعروفة التي يستهل بها المطربون غناءهم (يا ليل يا عين)، و (العين) كما جاء في معجم المنجد هي (الباصرة وتُطلق على الحدقة أو على مجموع الجفن وما فيه من الحدقة، والكلمة مؤنثة ج أعين وعيون أعيان وأعينات وتصغيرها عييِّنة).

والعين حسب التعريفات، هي عضو الإبصار للإنسان ومن خلالها يبين الشاعر شوقها لرؤية المحبوب عند غيابه أو دمعها عند فراقه أو جدالها مع العقل بين رغبتها في رؤيته أو العودة إلى المحبوب وتوجيهات العقل بنسيانه والبعد عنه.

وذهب الشعراء قديما وحديثا إلى وصف عيون المحبوبة، ولعل ما قاله جرير هو من أشهر أبيات الغزل:
إن العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به
وهن أضعف خلق الله أركانا

وتختلف الأغراض، حتى وإن كان المعنى العام هو العين وتأثيرها، إذ قال الشاعر العراقي بدر شاكر السياب: في مطلع قصيدته «أنشودة المطر»:

عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر
عيناك حين تبسمان تورق الكروم
وترقص الأضواء كالأقمار في نهر

وإذا نظرنا إلى موقع العين في الأدب الشعبي الليبي، فإننا نراها تمثل جزءا أساسياً من موروثنا الشعري التراثي.

ويحفل الموروث الشعبي الليبي بالكثير من الأمثال والأقوال الشعبية، بالإضافة إلى القصائد والأبيات الشعرية التي ألّفوها في الحب والغزل والفراق، تعكس قيمة التراث الليبي.
وتعتبر خزانة الأمثال الشعبية الليبية غنية بالحديث عن العين في مختلف حالاتها الرمزية والواقعية، ومن الأمثلة على ذلك:

(على عينك يا تاجر) أي بصراحة ودون خوف.
ويقال و(العين ما تعلى على الحاجب)، يضرب للضعيف أمام القوي..

والمثل.. (عوينتك تحقها وأيديتك ما طقها)، أي تنظرها بعينك، لكن يديك لن تلحقاها.
(أخيه، وعينه فيه،) ويضرب في من يبدي التعفف من شيء، هو في الحقيقة يرغبه ويريده.

(إيش ودك يا أعمى، قال: حتى من القفا عيون)، رغبة الإنسان في تحقيق الشيء الضروري الذي يحتاجه وتقديم الأهم لديه.
(اطعم البطينة تستحي العوينة.)، تقرب من الآخرين والتودد إليهم بالهبات والعطايا يتغاضون عن عيوبك.

(العُين جيعانة والبطن شبعانة. عدم الإحساس بالقناعة والاكتفاء.
(العُين ما تعلى على الحاجب)، الاعتراف لبعض الناس بتفوقهم وتقدمهم من قبيل الاحترام المتبادل.

(عُين تضحك وعُين تبكي)، تصارع العواطف والمؤثرات في صدر الإنسان حول أمر واحد.
(غطى عُين الشمس بالغربال)، محاولة إخفاء الحقيقة الواضحة أو التسًتر على فضيحة يعلم بها معظم الناس.

(سيّبها بالعين وقصّها بالجرّه)، عدم المحافظة على ما بين اليدين حتى إذا ما فقد يقوم بالبحث عنه من دون جدوى.

(يقطر في عيونه الثوم)، يطلق هذا المثل عندما يريد شخص أن يقتص من آخر؛ حيث إن الثوم حار جداً، ومن ثم فإن مفعوله قاس للغاية خصوصاً إذا كان في العين. ويعبر أيضا هذا المثل عن شدة التحذير والوعيد.
وفي أغاني العلم «أغاني البيت الواحد» المنتشرة بخاصة في إقليم برقة.. والشتاوي والغناوي، التي تطرقت إلى العين، والهيام والعشق واليأس والفراق الحب واللوعة والشوق، نرى أمثلة عديدة نختار عينة منها:
أغاني العلم...

حتى مِن بعيد تْرُوق ... عندي العين لُو كان تنظرَك
العين قايلة للعقل ... نطيعك إلا في نسوهم

مكتوب يا العين عليك ... اديري عزيز يفارقك
ﻏﻼﻫﻢ ﺑﻘﻲ ﻟﻠﻌﻴﻦ ... ﺧﻴﺎﻝ ﻳﺎ ﻋﻠﻢ ﻓﻲ ﻧﻮﻣﻬﺎ

ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻳﺎ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻃﺒﻴﺐ ... ﺷﻜﻮﺍﻙ ﻡ ﺍﻟﻐﻼ ﺯﺍﺩﻙ ﻣﺮﺽ
ﻣﻔﻴﺖ ﻭﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺭﻓﻴﻖ ... ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻣﺎ ﻋﻠﻲ ﻣﻮﺡ ﻗﺎﺩﺭﺓ

ﻣﺎ ﺗﻠﻮﻡ ﻉ ﺍﻟﺒﻜّﺎﻱ ... ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻧﺎﺭ ﻟﻮﻻﻑ ﻗﺎﻳﺴﺔ
ﻓﺮّﺍﻕ ﺍﻟﺰﻫﺎ ﻉ ﺍﻟﻨﺎﺱ ... ﻧﺴﻲ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻣﺎ ﺟﺎ ﺷﻮﺭﻫﺎ

ﻧﺤﺴﺎﺑﻪ ﻣﻐﻴﺮ اﻳﺎﻡ ... ﺗﻤﺎ ﺳﻨﻴﻦ ﻳﺎ ﻋﻴﻦ ﻳﺎﺳﻬﻢ
ﺑﻼ ﺟﻤﻴﻠﺘﻚ ﻳﺎ ﻋﻴﻦ ... ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺯﺍﺭ ﻟﻮﻻﻑ ﻭﺭﺟﻊ

ﻋﺰﻳﺰ ﻭﻳﻦ ﻣﺎ ﻧﻄﺮﻭﻩ ... ﻳﺴﻴﻠﻦ ﺭﻗﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺽ
ﻋﺎﺭﻑ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﺗﺤﻮﺱ ... ﻟﻠﺪﺍﺭ ﺟﻴﺘﻲ ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪﻫﺎ

ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻥ ﺍﻟﻤﻮﺡ ... ﺗﻤﺎ ﺣﺴﺎﺏ ﻋﺎﻣﻴﻦ ﻳﻮﻣﻬﺎ
عمر العين كمل باشواقه ... يوم وداع ويوم ملاقه

الشتاوي...
عين إلى ما عمري شلته ... قاعد يالاي وما طلته

نقل من عين عزيز اجراح ... مشا عقلي مشوار وطاح
على عينك خايف م العين ...عليها نحكي لي اسنين

شرهانة العين تريد ... مع عزيز لو تعيش طول عمرها
العين في ربيع غلاك ... تطلب الله ما يوم تفقدك

العين من غلا مرهون ... تذوح ما دباره لاقيه
عندي عين الموح قتلها ... تمشيلك واتسيب هلها

وفي أغاني المرسكاوي الليبية، نصيب كبير للعين، ربما لم تنلها في أية أغانٍ شعبية منتشرة في الوطن العربي. ومن أمثلتها:
عيون المحبة م البعيد يبانن... كان دنقرن في الأرض راهن خانن

ليش البكاء يا العين يا مهبوله... كنك على الغالي ايجيبه المولى
يامرسول دواها... زاد أبكاها عيني من فرقى مشكاها....جيبه

عيني عل الغالي خايفة... تبكي واتقول مرايفة...
لو كان دمعك يالعين يجيبه ... نبكي على المحبوب ماهي عيبه

عينى بكت م الوقت مال عليها ... غبا وين هي تبكي ونا مخليها
ويش قالك يا عين ويش قلتيله... ريدك ضحك وأنتي تبسمتيله

ضليله ياعيني خلوك ... اشقيتي بأولاف ونسيوك..
بنوصيك لازم تتبعيني ... يا تنسيه يا مانكش عيني ..

زول بغاني، إنّ شاء لله نمشيله... يصدق منام العين قبل الليلة
باعوك وانتي شاريه ياعيني ... ديري عزايم راك شقيتيني

يا عيني كوني صبارة... حتى الجار يفارق جاره
خـوذي الـنـصـيـحة خـيرلك هـنـيـني ... يـا الـعـين ضـلـيـتك وشـقـيـتـيني ..

يا شقا عيني يا مطراي... باعدوا عني زول مناي
عد الموت يا بوعين سوده...عد القبر واترابه ودوده

عرب جارحين العين ما هنوها ... ان وعيت خفا ... وان جا النوم يجوها
راك تنسي يالعين مقاله ... ريدي صادق في مواله

شق النظر ما كيف ريدي والي ... علي ما خلق مولاي قبل وتالي
العين غرضها متقاوى ... رازيها ما هو شى ماوي

يا عين كفي الدمع والنحيب يالعين زيدي.. يالعين مصعب فراق من تريدي
يا خالق للطير قسامي سخر خزرة عين الدامي

شاطت نار يازين واللي صار صار... كلاته لين الجوف خلاته دمار
شبن فيك عيون لاعني اصدار... غداره يوم اعراك ما بين العدا

عيون الغزيل في البساط الخالي ... عيون ولفتي ماريتهن في والي.
نا عيني في شال الغالي ... تذرف ما يسكتها والي

دمعك نزح يالعين ولا نسيتي ... ولا تعبتي ما لبكا مليتي
سكب سال دمع الميامي حدايف وعقلي مرايف... ونا الليل ما نرقده م الزنايف

وفي أغاني المطربين والمغنيين في الإذاعة الليبية... نرى ذكر العين بكثافة، وهذه بعض الأمثلة:
السيد بومدين...شادي الجبل، غنى عدة أغانٍ:

لي عين غرضها كابر .. دعية شر.. دارت للمرهون جرر
عيونك اكبار وسود من مولاهن...رزني وضلني شقيت وراهن

ياعين عديهن أيام غلانا ... ذكرى مضت من حبنا وزهانا
يا مشكاي يا مسهر عيوني . . . هجرك طال خيبلي ظنوني

يا عين توبي عل البكا... وانسي مدعاه اللي جفا
بخزرة عيونه دوبني... شكله ظريف ويعجبي.

يزي العين من قولت غراض ... وم التخميم في جرة الماضيى
وغنى المطرب محمد صدقي للعين، من كلمات الشاعر عبدالسلام قادربوه:

«في قلبي رماني رمش العين».
وغنى المطرب محمد أبوقرين، من كلمات وألحان محمد الدهماني،

«عيون سود وحواجب تقول هلله ... سافر معاهم خاطري ما ولى».
وغنى المطرب محمد مختار من كلمات محمد مخلوف أغنية «ليش دمعتك يا العين روفي بيا .. واجد اللي كيفك فقد غاليّهْ»..

غنى محمد مرشان أغنية «نور العين والجوبة بعيدة» من كلمات بنت الوطن.
وغنى أحمد سامي «ع العين تتدارى عيون كتيرة» من كلمات أحمد الحريري.

وغنى راسم فخري «م القلب والا العين أصل الغية..» من كلمات: محمد السيد أبو مدين (شادي الجبل)، وغنى كذلك من كلمات أحمد النويري أغنية «ما حيراش القلب سحر جفونك.. اللي حيره معنى كلام عيونك»..
وغنى محمد نجم، «لو يا عين بالرأي والدبارة... لا بكاك لا عنك تواره»، كلمات عبدالمالك التهامي - ألحان عبدالجليل خالد.

وغنى عمر المخزومي من كلماته.. «العين باكية والقلب جرحة دامي.. من غيبتك حرمت طيب منامي».
وغنى من كلمات محمد مخلوف أغنية «اللي شقيت في غيابه اليوم لا قاني ... واطا النظر ما أتقول عمره راني».

وغنى محمد الحمري..
سيلي إن كان الدمع يرده ... هاللي طال علينا بعده

يا عيني لو الدمع يجيب ... ما فارق محبوب حبيب
وغنت سالمين الزروق من كلمات فرج المذبل – ألحان إبراهيم فهمي

ما تبقي يا عين لوامة ... بحر الحب يريد اعوامة

مرجع/
العين في التراث الشعبي العربي/ موقع وطن
العين .. مرآة الروح وصورة العقل/ البيان الإماراتية
مصطلحات في أغاني العلم/ منتديات أرفاد التميمي