Atwasat

مائة حبة «كسكسي» في باريس

صالح أبو الخير الإثنين 21 ديسمبر 2020, 01:14 مساء
صالح أبو الخير

يوم الأمس في ليبيا، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، انشغل الليبيون بخبر موافقة منظمة اليونسكو على ضم الكسكسي إلى قائمة التراث العالمي غير المادي، حيث تباينت ردود الأفعال بين المتذمر من استبعاد ليبيا وبين من ذهب إلى التندر بالخبر، لكن الأهم هو أن الليبيين تنبهوا إلى أن لهم مندوبية يقودها أكاديمي برتبة سفير يقيم بباريس ويمارس عمله من داخل مبنى اليونسكو دون أن يكون هناك عمل، تنبه الليبيون أيضا إلى أن لهم سفارة تشغل مبنى فخما في حي بورت دو فين الباريسي الراقي، يقودها سفير مخضرم، دون أن يقود شيئا. تنبه الليبيون إلى أن وجودهم في باريس، كان أشبه بالتواجد الافتراضي، فمن المفترض أنه لنا سفارة وقنصلية ومندوبية زاخرة بالدبلوماسيين والموظفين المحليين، ولكن لا يوجد أي شي، سوى مبان خلفتها العهود الليبية السابقة الملكي منها والجماهيري، تزاحم فيها (الثوار المزعومون) لقبص رزم اليورو ورسائل الإقامات الفندقية، ولا يذكر لهذه الحشود الدبلوماسية الليبية من أعمال سوى المعارك التي كان يخوضها جرحى الثوار الأشاوس ضد السفير (فوق العادة) بوهمود وتهديداتهم له، قبل أن يستغيث بفرقة مدججة بالعضلات والهراوات من إحدى الشركات الأمنية، والأخير أيضا كان: ياكل ويقيس، فتارة مع حكومة زيدان ومنها إلى حكومة الغويل، وقفزة ثالثة إلى حكومة الثني، وأخرى رابعة إلى حكومة السراج، (إنها الدبلوماسية.... النطاطة) ونادرا ما ذكر نشاط لهذه السفارة أو فاعليات سوى فاعلية اختلاس مبلغ 50 ألف يورو من خزانتها، خبر تناولته الصحافة الفرنسية بشكل أقرب للسخرية، ولك أيها القارئ أن تتساءل كيف تسرب خبر خاص جدا من هذا الوزن إلى الصحافة الفرنسية وكل من يعمل في السفارة ليبيون؟ مندوبيتكم أيها الليبيون لم تعرف التداول السلمي للسلطة منذ فبراير 2011 وحتي اليوم، فكل من تولوا سدة المندوبية رفضوا واحدا تلو الآخر التسليم، وكانت طيلة هذه السنوات حلبة من حلبات اللكم والتشلبيخ، معارك شارك فيها الرجال والنساء، دبلوماسيون وموظفون محليون، وأخوة عرب لوجستيون، لقد اعتاد رجال الأمن والاستقبال في المنظمة الدولية التي تعنى بالثقافة و (الأدب) على قلة أدب الدبلوماسية الليبية في اليونسكو، ليست مرة أو اثنين أو عشرة أن يتم منع سفير أو دبلوماسي أو موظف من دخول مكتبه، بطلب من المندوبية نفسها. (إنها دبلوماسية.... التعنيز) حتى المدارس الليبية في فرنسا انشطرت بين شرق وغرب، فمدرسة شرق فرنسا تتبع غرب ليبيا، ومدرسة غرب فرنسا تتبع شرق ليبيا، في متوالية هندسية أعجزت الخبرة الإنسانية في الهندسة، وأصبح طلاب هذه المدارس فئران تجارب لحديثي الإدارة التعليمية في تعليم بومريز ونظرائهم في تعليم عماري زايد. الحاكم الفعلي للدبلوماسية الليبية على الساحة الفرنسية هو: المراقب المالي، فالمال لا يحكم فقط في ليبيا عن طريق الصديق الكبير والمصرف المركزي، بل على نفس الشاكلة: يحكم المراقب الرجباني صرح الدبلوماسية الليبية بكراع كلب، متكئا على خط هاتفي ساخن مع ربان الفرقاطة فايز السراج، كيف لا وهو الذي كان أمين بيت ماله المأمون، هذا الرجباني نادرًا ما يبسط يده ويصرف منح الطلاب ومرتبات الموظفين، ويجعلها مغلولة إلى عنقه، متى شاء، فمنحة التأمين الطبي التي وصلت للسفارة منذ عام 2017 لم تصرف حتى اليوم... دون إبداء الأسباب. ومستحقات الطلبة في دراسة اللغة والرسوم الدراسية وغيرها موقوفة... إلى أن يشاء الرجباني..!! أيها الليبيون، يا من أوجعهم الإبعاد من دائرة الكسكسي المغاربية، أبعد كل هذا الوجع، لم ينغص سكينتكم إلا الكسكسي؟ قيل قديما: مائة حبة كسكسي... ما يجن قنان.. قنانكم يحترق...