Atwasat

كلمات متقاطعة: قانونية / سياسية

جازية شعيتير الأحد 13 ديسمبر 2020, 04:58 صباحا
جازية شعيتير

سبق أن كتبت في بوابة الوسط بتاريخ: 7 سبتمبر 2020 مقالة بعنوان (التنمية التأسيسية: التنمية المنشودة في ليبيا) بوصفها مستلزماً أساسياً لإعادة إحياء الدولة الليبية ورتق النسيج الاجتماعي للشعب الليبي (الأمة الليبية). وفي ندوة أقامها مجلس التخطيط الوطني بتاريخ : 21 نوفمبر2020، حول (الاستقرار وإعادة الإعمار والتنمية في ليبيا)، تناولت الإصلاح التشريعي المتطلب لهذا التنمية التأسيسية، وفيما يلي أهم معالمه:

• الوثيقة الدستورية الدائمة
الحديث الآن عن خيارات كثيرة لعل تقسيمها لخيارين رئيسين أقرب للواقع:
الخيار الأول: البدء في مسار دستوري تأسيسي جديد ممثلا في مشروع الدستور الصادر عن الهيأة التأسيسية؛ ويتباين أنصار هذا الخيار ما بين إبقاء المشروع على حاله، وبين إعادة النظر فيه لإجراء تعديلات مهمة عليه.
الخيار الثاني: العودة للمسار الدستوري التأسيسي الأول للدولة الليبية؛ ويتباين أنصار هذا الخيار ما بين دستور الاستقلال 1951 أو الدستور المعدل 1963، وما بين إجراء تعديلات عليه تلغي الملكية الدستورية.
• التشريعات العادية وهي كثيرة؛ منها :
• تشريعات المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية سواء منها العامة أو الخاصة.
• التشريعات الانتخابية؛ وما يتعلق بها من تشريعات مثل القوانين الحزبية، وتشريعات مصلحة الأحوال المدنية بخصوص الأرقام الوطنية.
• التشريعات المنظمة للنشاطات المدنية، وتلك المنظمة للحماية الاجتماعية.
• التشريعات المتعلقة بالملكية العقارية.
• بعض القوانين ذات الصبغة الخدمية المتعلقة بالتنمية المكانية؛ وأهمها: قانون الحكم المحلي.
*****
عادة ما يكون الاتفاق السياسي بين خصمين؛ بينما في ليبيا يلفت نظرك، مثالثة تصنيفية لمن يُراد اتفاقهم أو توافقهم وذلك من حيث:
1. التنوع الاجتماعي: الرجال ــ النساء ــ الشباب.
2. تنوع المصالح العامة: سياسية ــ اقتصادية ــ عسكرية.
3. التصنيف الوظيفي: أعضاء مجلس نواب ــ أعضاء مجلس دولةــ مستقلون.
4. النوستالجيا: لفبراير ــ لسبتمبرــ لديسمبر.
5. الانتماءات العرقية: أمازيغ - طوارق ــ تبو ــ عرب.
6. انتماءات الهوية: وطنية ــ دون الوطنية "محلية" ــ عابرة للوطنية "إقليمية ـ دولية".
7. الانتماء الإقليمي: برقة ـــ طرابلس ـــ فزان.
8. الانتماء السياسي: إسلام سياسي ــ فكر جماهيري ــ تيار مدني.
9. المرجعيات القانونية: القواعد الدستورية ــ القوانين الوطنية ـــ القوانين الدولية
ولعل اللافت أكثر في هذه الفئات الثلاثية التصنيف؛ تداخلها لحد التمازج بما يذكرك بالقول الشهير: (متشابك حرير وسدر... مشقاك يا موازي بينا)
*****
على صعيد اللسانيات السياسية، فيما يمكن أن نسميه الخطاب النخبوي، رُصدت، في الآونة الأخيرة، عدة مصطلحات بينها ثنائية لفظية، ولكنها مختلفة المعاني، تذكر في الوسط السياسي الليبي، بعضها كمترادفات، وبعضها تذكر في السياق ذاته بل في نفس واحد أحياناً كثيرة، ومثلها:
1. الخلاف / الاختلاف
2. التوافق / الاتفاق
3. الأغلبية / المغالبة
4. العرقلة / المعارضة
5. الحكم الذاتي / الحكم المحلي
6. العدالة الانتقالية / العدالة التصالحية
7. الحقوق/ الواجبات
8. مؤسسات الدولة / رجالات الدولة
9. الصلاحيات/ المسؤوليات
10. الوضع الاقتصادي / الوضع المالي
11. منظمات المجتمع المدني / نشطاء مدنيون وحقوقيون
12. الأحزاب السياسية / الكيانات السياسية
13. الشرعية / المشروعية
14. التدخل الأجنبي / المساعدة الدولية.
وكما يقول ابن جني: حد اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم؛ عليه فإن أولى مستلزمات العقد الاجتماعي بين أي جماعة هو الاتفاق على معنى الالفاظ المستخدمة فيما يعرف بالضبط الدلالي.
*****
خير ما نختم به سياق المقالة؛ مقتطفات من مقدمة كتاب (استقلال ليبيا والأمم المتحدة) لمؤلفه: أدريان بيلت، ترجمة: زاهي المغيربي، منشورات: مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة. مع ملاحظة أن بيلت يتحدث عن نفسه بضمير الغائب.

عن "أدريان بيلت" مفوض الأمم المتحدة في ليبيا: "كانت لديه مخاوف جدية حول مدى ملاءمته لمهمة تُعتبر بصفة عامة صعبة وحساسة بشكل استثنائي. وكانت معرفته بتاريخ ليبيا وجغرافيتها معرفة سطحية، ولم يكن محاميا دستوريا، ولا يستطيع القراءة أو الكتابة ـ ناهيك عن التحدث ـ باللغة العربية، وأفكاره عن العالم الإسلامي كانت مقتصرة على عموميات.

ونظراً لعدم معرفته لأي شيء عن مهمته القادمة وكونه مشغولا للغاية بواجبات قسمه، لم يُعر أي انتباه لمسألة المستعمرات الإيطالية السابقة".
عن الولاء الدولي : "أنه سعة الأفق الدولي المطلوب من الموظف الدولي، أنه وعي، تجعله العادة غريزة، بحاجات وعواطف وتحيزات شعوب بلدان في ظروف مختلفة، مصحوباً بالقدرة على وزن هذه... العناصر بأسلوب قضائي حصيف قبل التوصل إلى أي قرار يتعلق بها".

عن تاريخ ليبيا: "صحيح أنه لمئات السنين، كان تاريخ ليبيا تاريخا لأحداث في أقاليم منفصلة، طرابلس وبرقة وفزان؛ ويبدو أنه كان هناك تفاعل سياسي محدود أو لا تفاعل على الإطلاق بين الأقاليم الثلاثة، على الرغم من أنها كانت لعدة مرات، ولفترات زمنية طويلة، خاضعة لنفس الحكم الأجنبي. كما أنه لم توجد بينها ارتباطات اقتصادية قوية بما يكفي لخلق إحساس بمصلحة مشتركة... وكانت القوى التي باعدت بين الأقاليم الثلاثة لمدة طويلة من الزمن ذات طبيعة جغرافية بقدر ما كانت ذات طبيعة تاريخية".

عن أهل برقة: "لكن سكان الصحراء الليبية والجبل الأخضر لم يولدوا كي يستسلموا. فمنذ زمن العثمانيين كانوا معروفين بمقاومة دفع الضرائب، ولم يكن واردا لديهم الخضوع للمحتلين الجدد الطامعين في أراضيهم".

عن الهدية المغربية: ".. وفي واحدة من المناسبات الأولى التي كان للمفوض متعة لقاء عمر منصور الكيخيا على غذاء في بيت الأخير، أهداه مضيفه عصا من العاج. وشرح عمر منصور أنه تلقى هذه الهدية من السلطان محمد الخامس عام 1913، أثناء لقاء ودعه فيه بهذه الكلمات: "أنت وشعبك قادمون على أوقات صعبة. وسوف تحتاج في الغالب إلى دعم .وأنا أهديك هذه العصا لتتكئ عليها كلما أصبح حمل الأحداث ثقيلاً جداً." وقال بعد ذلك للمفوض بدروه: "من الآن يتعين عليك أن تحمل حملاً قد يصبح أحياناً ثقيلاً. لذلك، الأن أنا أنقل هذه العصا إليك".

عن الدولة الليبية: "لم يتباطأ المتشككون في نشر تقارير ـ ناتجة عن خيال خصب ـ توحي بأن القرار 289(4) كان نتاجا سيئا لبنات أفكار تحالف غريب بين دبلوماسيين ساذجين وموظفين حكوميين ذوي توجهات مثالية نجحوا في اختراع دولة ليست غير قابلة للحياة فحسب، بل ستفشل أيضاً في الحصول على إيمان الشعب الليبي ذاته بها. ويعرف المطلعون على تاريخ ليبيا في القرن العشرين أن هذه الخرافة زائفة".

عن مخاطر الاستقلال: "يمكن التوصل، بشكل آمن، لاستنتاج محدد: أن أي تهديد لاستقلال ليبيا من المحتمل أن ينشأ من نزاعات سياسية أو اجتماعية محلية تؤثر سلبا على وحدة البلاد وتشجع التدخل الأجنبي، أو نتيجة لتحول رئيس في توازن القوى السياسية والإستراتيجية في البحر الأبيض المتوسط".

عن المراجع السرية للكتاب: يلفت نظرك بقوة حديث أدريان بيلت عنها سواء كانت "المواد الخاصة بالأمم المتحدة لا تزال حساسة وسرية أطلع عليها لإنعاش ذاكرته؛ ولكنه تجنب الاقتباس أو الإشارة المباشرة إلى تلك المواد"، أو كانت "مواد شفهية أو تحريرية أبلغ عنها بشكل شخصي من أفراد ليبيين أو غيرهم؛ وحرصا منه على عدم تعريضهم لأي مخاطر تعين عليه الالتزام الدقيق بعدم كشف هوياتهم، رغم ما سبب له ذلك من إحراج لعدم قدرته على توفير إشارات مرجعية دقيقة لتلك المعلومات".

عن كتابة التاريخ: "سيواجه الأن، وفي ذلك الوقت، مشكلة في بحثه عن الواقع الفعلي ... ولكن يظل الأمل أن القصة بكاملها سوف تٌروى، يوماً ما، بتجرد من العواطف...".