Atwasat

لا هروب من المحاسبة.. العدالة أولاً

عبدالله الغرياني الخميس 19 نوفمبر 2020, 02:18 صباحا
عبدالله الغرياني

لا يمكننا الاصطفاف مع أي صف اليوم، فنحن أصحاب حق، والحق غائب، فلن نكون أبواقا لأحد، ونحن بجراحنا التي لا زالت تنزف ولا تجعلنا ننام الليل حتي ليلة البارحة، جميعهم يدافعون عن مصالحهم الشخصية وحقهم في المناصب السيادية فقط، لنهب ما تبقى في خزائن ليبيا داخليا وخارجيا، ولا يوجد أحد تكلم أو دافع عن العدالة الانتقالية ومحاسبة المجرمين الذين أجرموا في حق الوطن والمواطن، وكانوا ممولين للإرهاب والتطرف، من الذي مكن وتستر على أنصار الشريعة وداعش في بنغازي ودرنة وسرت والجنوب، ومن يتحمل مسؤولية الدمار والخراب والفتن التي تسببت فيها هذه التنظيمات داخل المدن والقرى، وحتى داخل الأسرة الواحدة، العفو والمصالحة والحوار مع المختلفين فكريا وسياسيا وبين الأطياف والتيارات والأحزاب التي ترفض الإرهاب، أمر جيد، ولكن هل نحن فعلا كنا مختلفين في الآراء السياسية والفكرية فقط؟

طيب، إذا كنا كذلك، لماذا لا نسمع حتى الآن أحدا يطالب بالعدالة لضحايا التنظميات الإرهابية وضرورة تحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة الكيانات والأشخاص المتورطين في تمويل ودعم الإرهاب الديني والتستر عليه. وقد حاربه الجميع ودفعوا فاتورة باهظة لأجل تحرير المدن والقرى والتخلص منه. ليس معقولا أن تقدم تنازلات للصوص والسراق والمخربين وداعمي الإرهاب في ما بينهم على حساب حق الناس المتضررين جسديا ومعنويا من الإرهاب.

اليوم وفي أي حوار قادم يجب على الوطنيين الدفاع وبقوة عن حقوق أهلهم بالكامل وأولها حقهم في محاسبة الجناة والمتورطين في تمويل الإرهاب، سواء كانوا أشخاصا أو كيانات أو أحزاب أو سلطات تشريعية أو تنفيذية. لا يمكن بأي شكل من الأشكال الغفران في هذا الملف وحلحلته بتمرير الاتفاقات بين اللصوص دون المرور على المحاسبة وضمانها، وأوجه اللوم إلى ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة التي كان عليها القيام بخلق مسار موازٍ للمسارات الاقتصادية والدستورية والعسكرية والشبابية، وهو مسار ضمان العدالة يضع تخوفات المتضررين من التنظيمات الإرهابية.

أين الذين قادوا المعارك العسكرية شرقا وغربا وجنوبا ضد الجماعات والتنظيمات الإرهابية من هذه المساومات والتنازلات على حساب الضحايا، وأين التيارات المدنية التي سارت داخل المدن والقرى ووقفت بشجاعة وقوة في الميادين والساحات رافضة الإرهاب. أين أصحاب القضية. الجميع اليوم يتورطون بطريقة أو أخرى بتمرير صفقات سياسية قد تستورد لنا ممولي الإرهاب وداعميه من جديد وتجعلهم يفرون من المحاسبة. يجب ضمان عدم وجود هؤلاء في المشهد السياسي والمناصب السيادية من جديد، والمطالبة بالعدالة الانتقالية والمحاسبة. وأوجه نداء عاجلا لكل ضحايا الإرهاب جسديا ومعنويا وأسر المغدورين والمغيبين بضرورة الخروج للساحات والميادين لإيصال صوتهم والمطالبة بالمحاسبة والعدالة لهم ولذويهم، وعلينا أن نقتنع أننا اليوم أصبحنا عُزلا ولا يوجد صف يدافع عنا وعن حقنا في العدالة، وكل الذين يتفاوضون باسم محاربتهم للإرهاب أصبحوا يتاجرون بنا وبجراحنا ومآسينا لتحصيل المكاسب لهم فقط، دعونا جميعا نتفق ونتحد نحن الضحايا للدفاع عن أنفسنا ونضع المجرمين أمام محاسبة ومحاكمة تاريخية، نريح من خلالها أنفسنا وتطيب جراحنا ويرقد رفاقنا وأهلنا الراحلون بسلام في قبورهم.

*رئيس رابطة ضحايا وجرحى الإرهاب الليبية