Atwasat

إنقاذ ليبيا من الفساد والمُفسدين

عبدالله الغرياني الأربعاء 07 أكتوبر 2020, 02:47 صباحا
عبدالله الغرياني

عنوان و شعار اتحدنا لأجله كنشطاء وقوى مدنية بمدينة بنغازي بمختلف آرائنا و بتزامن مع الذكرى الثامنة للجمعة التي دعينا إليها تحت شعار "جمعة إنقاذ بنغازي" من الإرهاب والجماعات المسلحة بتاريخ 21 سبتمبر 2012.م اخترنا هذا التاريخ والذكرى للإعلان عن تظاهرة "إنقاذ ليبيا من الفساد والمُفسدين" وتشرفت رغم تواجدي في الخارج بأن أكون أحد الداعين والداعمين للتظاهرة التي طالبت بخمسة مطالب محددة وواضحة دون طرح اأي مشروع أو خارطة طريق يمكن العمل بناءً عليها، ولكن كانت مُطالبات موجهة للسلطات شرقاً وغرباً ولكل المعنيين بهذه الملفات:

- أول مطلب
"الحقوق والحريات خطوط حمراء" وهي التي سلبت من جديد بعد أن سلبها القذافي 42 عاماً ومن ثم سلبتها من بعده قوى الإرهاب والتطرف واليوم يتم سلبها من جديد على يد ذات الرموز وأدوات القمع والتضييق القديمة متناسيه ردة الفعل والغضب العارم الذي جعل الناس تزحف لمقراتهم وتشعل فيها النيران اإبان أحداث ثورة فبراير بسبب ما فعلوه تجاه الشعب والمواطنين بأوامر النظام الدكتاتوري السابق، وبعد حرب ضروس استمرت أربعة أعوام قدمت فيها مدينة بنغازي وعموم مدن وقرى برقة الآلالف من الشهداء والجرحى والمبتورين رافقتها تضحيات التيار المدني في سبيل تحرير بنغازي من الإرهاب والتطرف والجماعات المسلحة. يعاد اليوم بعد كل هذه الجهد والمشوار الطويل والمرير إرهاب آخر بمسمي الحفاظ على الأمن القومي والاستقرار ومحاربة المتاآمرين "الأخوان والدواعش" قاصدين بالأخيرة نشطاء المجتمع المدني، ولا صوت ولا لون إلا صوت ساحة الكيش ولون دعم المشير الأمر الذي من المفترض أن مدينة بنغازي بالذات آخر من يزايد عليها وعلى أهلها وشبابها في دعمهم للجيش و قيام دولة المؤسسات متناسين أن بنغازي وعبر تاريخها كانت تدعم وتضحي لأجل المشاريع الوطنية والنضال ضد الطغيان وحكم الفرد وترفض التمجيد على حساب جراحها وتضحيات أبنائها التي قدمتها على مدار خمس عقود لأجل الحرية وقيام دولة المؤسسات والقانون والعدالة ولكي نثبت بأننا كنا مُحقين في مطلبنا وأننا نفتقد حقوقنا وحريتنا التي تعتبر من أبسط الحقوق اقتحم البلطجية الساحة محاولين في البداية طرد المتظاهرين في مظاهرة إنقاذ ليبيا والذين انسحبوا من المكان رغم تعهد وزارة الداخلية بحمايتهم وفي ظل وجود الدوريات الأمنية التي أصدرت إليها الأوامر لحماية المتظاهرين اختطف أحد المتظاهرين من وسطها وهو الرفيق الناشط "ربيع العربي الزاوي" الذي أفرج عنه بعد ثلاثة أيام من التظاهرة بعد ضغط الإعلام ومنسقي التظاهرة على السلطات ومن بعده اعتقال المدون مجدي الخشمي الذي لازال مسجونا لهذا اليوم، وغيرها العشرات من الحوادث المماثلة حدثت قبل التظاهرة منذ إعلان تحرير مدينة بنغازي في يوليو عام 2017.م ولهذا سوف نناضل كما عرفنا الشارع لأجل الدفاع عن الحريات والحقوق للأبد حتي نضمنها وندسترها في دستورنا المفقود كأول مادة.

- ثاني مطلب
"محاربة كافة أشكال الفساد في كل مؤسسات الدولة السياسية والمدنية والعسكرية" وهذا المطلب إذا كانت المؤسسات واثقة من نفسها لقامت بحسمه بإظهار كافة التقارير الصادرة عن ديوان المحاسبة والرقابة الإدارية وإحالة كافة المتورطين في الفساد للتحقيق والمحاسبة ولكن صمتها وعدم إجابتها على هذا الملف الذي بسببه انتفض شباب بنغازي في انتفاضة 10 سبتمبر 2020 ضد فساد المؤسسات وطغيان طبقة ما يسمى اليوم بـ "المرموقين" المقربين من دوائر القرار في المؤسسات والذين يتم وصفهم كذلك بـ "الكواشيك" الذين يأكل من خلالهم المسؤولون في مؤسسات الدولة السياسية "مجلس النواب" والتنفيذية "الحكومة الليبية" والعسكرية "القيادة العامة للجيش" حيث نهب الأراضي وبناء الأسواق التجارية "المولات" والقصور والمزارع والسيارات الفارهة التي تتجول في المدينة التي أصبح نصف سكانها وأكثر من النصف تحت خط الفقر والجوع وانعدام البنية التحتية والخدمية وانهيار قطاع الصحة ونهب أموال مكافحة جائحة كورونا وقلب المدينة المُدمر وإهمال النازحين والجرحى، كل هذه القضايا والملفات تؤكد أن هذا الفساد والاانهيار وراءه فساد مالي تقف خلفه هذه المؤسسات و "مرموقوها وكواشيكها" لذلك كانت إجابتهم على هذا المطلب فوريه بإرسال فوج من البلطجية لقمع التظاهرة ومحاولة تغيير شعاراتها بمطالبة المشير حفتر بمكافحة الفساد ولماذا لم يكافح المشير الفساد في وقت سابق وهو على علم بوجوده وهو ذاته المشير الذي حارب الإرهاب بكل قوة وحزم لماذا لا يحارب الفساد وكل التقارير تتحدث بأنه منتشر حتي وصل لجنرالات الجيش وأبناء المشير ومن خلال هذا الرد والهجوم الالكتروني والإعلامي يأتي التأكيد على مشروعية المطلب بمكافحة الفساد في كل المؤسسات السياسية والمدنية والعسكرية والجميع يجب أن يحاسب.

- ثالث مطلب
"إجراء انتخابات مبكرة تضمن إزالة كافة الأجسام الموجودة" لماذا لا وجميع من في الأجسام السياسية والتنفيذية يؤكدون على مدنية الدولة وديمقراطيتها وأعلن الجميع الحروب لأجل هذا المبدأ والهدف لماذا يتم جرنا بعد كل جسم ومرحلة انتقالية لمرحلة أخرى بتوافق القوى السياسية. لماذا لا تجعلوننا نحن الشعب نتوافق ونختار من يقود البلاد ونمارس حقنا في الانتخاب.. لماذا كل هذه الحوارات الخارجية والصفقات السياسية والتنازلات والاعتراضات والحل سهل جداً في إقامة انتخابات برلمانية ورئاسية بمراقبة ومساعدة دولية والدخول من خلالها لاعتماد الدستور بعد الاستفتاء الشعبي عليه حتى نختم المراحل الانتقالية وندخل في استقرار سياسي دائم بوثيقة الدستور التي تحمى الجميع، خصوصاً بعد فشل كل الأطراف السياسية في خلق وفاق وطني حقيقي هدفه إنقاذ البلاد والشعب وبناءً على هذه الفوضي السياسية نتأكد بأن المطلب مشروع وهو الذي يجب اللجوء إليه للدفع بمرحلة انتقالية جديدة ينتخب ويختار فيها الشعب ممثليه فيها ويدخل من بعدها في حالة استقرار سياسي دائم.

- رابع مطلب
"تجميد أرصدة الفاسدين ومنع مغادرتهم البلاد لمحاسبتهم" وهذا المطلب هو تأكيد للمطلب الثاني أي بعد البدء في مكافحة الفساد يجب أن تجري عمليات تجميد ومصادرة الأموال من الفاسدين ومنعهم من مغادرة البلاد وإذا وجدنا من يكافح الفساد ويعلن الحرب ضده فسوف نجد هذا المطلب ينفذ خصوصاً أن أموال التي نهبها الفاسدون سوف تُحمل للشعب والمواطنين ويتم ضمها للدين العام المتفاقم النتاج عن النهب الممنهج والحروب الطاحنه وهذا لن نقبل به ويجب مصادرة كل الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين والمُفسدين مهما كانت مواقعهم في السلطات والمؤسسات، فالشعب وأمواله خط أحمر.

- خامس مطلب
"ضمان مدنية الدولة وسيادة القانون" وهذا المطلب مع الأسف ننادي بيه من ثماني سنوات وحتي اليوم وفي كل مرحلة انتقالية يتم ضرب هذا المبدأ والحق بالهيمنة على الدولة والمؤسسات من قبل التيارات السياسية ومن خلالها يتم ضرب سيادة القانون بتمويل المليشيات والعصابات المسلحة وخلق الفوضى وصنع الإرهاب الديني أو الأمني الذي يجعل المواطن يعيش في ظل دولة مليشياوية أو عسكرية لا مدنية وديمقراطية يتم فيها انتهاك الحريات وسلب الحقوق والنهب والسرقه والتدمير والخراب، ومن خلال هذا المطلب أكدت التظاهرة والمتظاهرون بالهتاف "مدنية مدنية قولوها بعين قويه" المدنية التي تضمن سيادة القانون والعدالة ومشاركة الجميع وتصون حرية الفرد وحقه في التعبير عن رأيه وفي التظاهر وإقامة الوقفات المعارضة والرافضة للأوضاع والمناشط الفنية والثقافية، الدولة المدنية التي تفضل بين السلطات وتدعم قيام دولة المؤسسات التي ترفض الحزب واللون الواحد وتضمن التنوع ومشاركة الجميع وتدعم حق المعارضة والرفض وهذا الشعار استغل من الأطراف المعادية للقيادة العامة وأصبحت توظف عبر قنواتها بأنه مطلب يتحدى القيادة ويتضامن مع مدنية حكومة الوفاق والتيارات الموالية لها وهذا الأمر غير حقيقي. كذلك المناداة به أثارت غضب جمهور تفويض الجيش والمطالب بحكم العسكر حكم "العصا" حيث شعروا بأنه مطلب قد يضيع فرصة المشير في الحكم "ولوا يفهموا شويه" فالمشير اضمن طريقة قد يحكم من خلالها هي الطريقة المدنية عبر الانتخاب والصندوق. أما نحن فنؤكد بأننا نطالب بمدنية الدولة التي حلمنا بها قبل ثورة فبراير وطالبنا بها بعد الثورة ولازلنا نطالب بها مهما شوهت وحاول البعض اغتيال قيامها سواء بالمليشيات أو العسكرة فنحن ماضون في المطالبة بها وقدمنا العشرات من الرفاق سواء بالغدر والاغتيال أو الخطف والتغييب ولن نتنازل عن المطالبة بمدنية الدولة وسيادة القانون.

ختاماً إلى الرفاق المؤسسين والداعين لتظاهرة وحراك "إنقاذ ليبيا من الفساد والمُفسدين" لنقف في صف واحد اليوم من جديد لااستكمال مشوارنا الذي توحدنا لأجله قبل ثماني سنوات عندما خرجنا لتصحيح مسار ثورتنا والمطالبة بتحقيق أهدافها التي يتاجر بها جميع من في المشهد دون تحقيقها. أعترف أنني شخصياً تخاصمت مع عدد منكم وتخاصم عدد آخر معي نتيجة لتطرفي أو تطرفهم في الآراء والتوجهات، ولكن لم نختلف يوماً في المبدأ والهدف، ليستمر حراكنا وتظاهراتنا ووقفتنا والمطالبة لأجل إنقاذ الشارع وشبابنا وأهلنا ومدننا وليبيانا وطننا الكبير، لنستكمل المشوار رغم جراحنا ورغم التشويه والطعن والتخوين والتهديد فنحن لها ونحن أبناء القضية المدنية وقدمنا في سبيلها كوكبة من الرفاق شهداء غدر بهم الإرهاب وغيب لأجلها الآخرون..

الوطن بحاجه لنا والشارع يحتاج لتنظيم صفوفه وتحديد وإيضاح الأهداف والحقوق وقيادته بخارطة طريق تحاسب الفاسدين والمُفسدين وتضمن الحريات والحقوق وسيادة القانون وقيام الدولة المدنية وتعطي للمواطن حق انتخاب من يمثله في السلطات التشريعية والتنفيذية والخدمية...