Atwasat

لا للشباب لا للنساء

أحمد الفيتوري الثلاثاء 15 سبتمبر 2020, 11:56 صباحا
أحمد الفيتوري

كتبتُ ونشرت، عند السادسة عشر من عمري، حدث ذلك في عهد ملازم، في السابعة والعشرين من عمره، استولى على السلطة بانقلاب عسكري، ضد ملك البلاد من في العقد الثامن من عمره، لقد كانت مسألة العمر تشغلني وتحفزني، وحينها قلبت المسألة بيني ونفسي، هل العمر البيولوجي يشكل عائقا بالنسبة لي أم حافزا؟، ومن المصادفة أن كنت في ذلك السن، صديقا لثلة من شابات وشباب، وقد كانت تلك الجماعة الصديقة، أيضا فيها مختلفو اللون، بحكم أنني من مواليد وسكان حى الصابري بمدينة بنغازي، التي أغلبية سكانها من السود (قاطني حي الصابري)، ما عُرف أيضا بالفنون الشعبية، كالمرزكاوي، والغيطة، والطرق الصوفية المختلفة.

حين كنت بالسنة الخامسة الإبتدائية، حفزني مدرسي أن تكون لي جريدة حائطية، وكان جاري وزميلي في المدرسة، المخرج المسرحي المميز دواوود الحوتي، من مثل طفلا في المسرح، مع المخرج الممثل المصري عمر الحريري، من ساعتها يعمل بفرقة المسرح الشعبي بالمدينة، لقد بدا لي أن العمر محفز وليس عائقا منذئذ، ففي المدرسة وكنا تلاميذَ، كان مدرس لبناني "عيسى التهامي" فخورا بنا، حتى أنه جعل من بعضنا، يُلقي محاضرة في الفصل، حول بعض من معارفنا ما ليست من المنهج الدراسي، وكذلك فعل ناظر المدرسة "فتحي الجدى"، من اعتبر مجموعتنا كمثقفين يستحقون الاحترام، وبالتالي التساهل معهم في أحيان، لما يخطئون دون قصد، كأن يتأخروا في الحضور.

لقد توكد لي ذلك مبكرا، فشدني عباقرة الشعراء مثلا، من ماتوا في مقتبل العمر في العقد الثاني، وبقوا أحياء شعريا حتى الساعة، كطرفة بن العبد والشابي وعلي الرقيعي، والروسي بوشكين، ثم رامبو الفرنسي من تجلت عبقريته الشعرية في عقده الثاني. ومن هذا كانت أيقونة أن العبقرية ليست بيولوجية، لكن القيادة والخبرة أبنة الزمن، مع تحرز: أن لكل قاعدة استثناء، وعليه حين بتُ مشرفا، على الصفحة الثقافية "آفاق ثقافية/كتابات شابة"، بجريدة الفجر الجديد الليبية، كان مفتتح الصفحة تحت عنوان "كِتابات شابة لا كُتاب شباب"، والفرق واضح، اليوم واضح الفرق بين الكفاءة والعمر، ولهذا الكفؤ كما صاحب الموهبة من يتبوأ الحياة، شئنا أم أبينا، الرئيس الأمريكي القادم، عجوز في العقد الثامن.

أما في بنغلاديش، البلاد الأكثر فقرا وأمية في العالم، فمنذ زمن طويل، لابد أن تكون الرئيس أمرأة، لأن المعارض للرئيسة أمرأة أيضا. وأذكر أن رئيس ثلة الأصدقاء، التي ذكرت أول المقال إن كنت تذكر، كان فتاة من صديقاتنا، وقد فرضت وجودها بما تمتلكه من قوةٍ وشكيمة وقدرة وفاعلية، وكان أحد أصدقائنا من عائلة "بريكة" أي أنهم يُنسبون لامرأة، من هذا كنت من الرافضين في زمن الفاشي القذافي، فرض وجود أمرأة، كأمين مساعد بالضرورة في لجانه، وحدث ذلك أثناء انتخابات لجنة رابطة الكتاب والإدباء، حيث عللت رفضي أني لا أقبل أن يُعير المرء بجنسه، واعتبرت الحاصل لا يحترم الإنسان، أمرأة كانت أو رجلا، وكذلك فعلت ذلك، أثناء فرض الكوتا النسائية عقب إسقاط القذافي، والفرض عندي كالاحتياج المؤقت، يزول بزوال الظرف، لكن نضال المرأة، هو ما يجعلها تتبوأ ما تستحق، خاصة في زمن يتبنى الرجل فيه، الدفاع عن المرأة، باعتبارها كائنا ضعيفا لا قُدرة له.

الشباب والمرأة، كما إنسان مصاب بمرض أو وهن، ولهذا لابد أن ينبري للمحاماة عنهما، أحد يتبنى قضيتهما، والمجتمع ما لا يفعل ذلك متخلف. ومن باب التسلية، فإن الممثلة والمخرجة النرويجية الشهيرة ليف أولمان، أوردت في مذكراتها "أتغير"، أنها ولدت في اليابان، التي والدها بالمصادفة مقيم بها للعمل، وهو كنرويجي يحب أن يكون مولوده ذكرا، وأن أمها أنزعجت كما الممرضة اليابانية، من أن المولود كان أنثى.