Atwasat

الشعالية.. والهلال..وأنا

عبد السلام الزغيبي الأحد 16 أغسطس 2020, 12:55 مساء
عبد السلام الزغيبي

تأسس نادي الهلال الرياضي الثقافي، المعروف بنغازياً باسّم (الهيلاهوب) في عام 1950 على أيدي مجموعة من رجال بنغازي، وقد تم إشهاره عام 1952.

كان الهلال في خمسينيات القرن الماضي من أقوى الفرق الرياضية في برقة إلى جانب (الأهلي) و (النجمة). واستمر تألق الهلال في فترة الستينيات، التي تعتبر من الفترات الذهبية بالنسبة لكرة القدم الليبية.
برع الهلال في مختلف أنواع الرياضة الفردية والجماعية، واشتهر باللونين (الأزرق والأبيض) ...

عندما نكتب عن نادي الهلال، وعن لاعبيه الأفذاذ لابد من الإشارة بقوة إلى لاعبه الدولي وأحد أبرز فناني الكرة الليبية، علي الشعالية..

اختياري لهذه الشخصية الرياضية، لم يكن مجرد اختيار عشوائي، فهذا اللاعب يمثل بالنسبة لي قدوتي الرياضية والإنسانية بما عرف عليه من تقدير واحترام من العامة ومن الجمهور الرياضي في بنغازي وعموم ليبيا.

كانت الأجواء الهلالية في الشارع وفي البيت تحديدا، مسيطرة بشكل كامل عل اختياراتي، فقد كان أشقائي كلهم من أنصار ومشجعي القلعة الهلالية، وكان عدد كبير من لاعبي الفريق من الجيران الذين ألتقي بهم بشكل يومي متواصل، وكان أحد مؤسسي النادي من أقاربنا (المرحوم مصطفى بوسته)، وتعلقت كثيرا بهذا الفريق من خلال حكايات المرحوم مصطفى بوجازية الذي كان الجميع يطلق عليه لقب الدكتور، والمرحوم ارخيص الضراط، الذي امتلك محل بقالة في شارعنا (العقيب)، حيث كنت أحرص دائما على سماع حكاياته عن كرة زمان وعن إبداعات الشعالية والمصري.. وصورهما، التي كانت معلقة في محل ارخيص..

كان أول عهدي بنادي الهلال، في سن العاشرة تقريبا، وبالتحديد في سنوات (شارع إدريان بلت). وأذكر جيدا ترددي على النادي بمقره الجميل الذي هدم بعد ذلك، وحرصي الشديد على متابعة استعدادات اللاعبين قبل مغادرة النادي لإجراء التمرينات الرياضية، التي كانت تجرى في الملاعب الخمسة، وتعلقي الشديد بمشاهدة نجمي المفضل، اللاعب الدولي علي الشعالية الذي لم تنجب الملاعب الليبية مثيلا له، (والذي حملت لقبه أثناء لعبي كرة القدم مع أقراني في وسعاية شارع الحشر) فقد كان الجميع يحرص على مناداتي بالشعالية، وخاصة لاعب الهلال السابق (عمر دومة، الذي يتذكر ذلك اللقب رغم مرور سنوات كثيرة، ويناديني به حين يلقاني في كل مره).

ولم أكن أخفي إعجابي بهذا اللاعب الفذ، وكنت أحرص في كل مرة على تناول طعام الغداء بشكل سريع، وأوسع الخطى نحو مقر النادي الذي لا يبعد عن بيتنا كثيرا، وبمجرد وصولي أدخل الغرفة التي توجد بها الأحذية الرياضية، وأخرج حذاء علي الشعالية وأقدمه له بنفسي، وأتابعه حتى يركب أتوبيس النادي الذي كان يقوده محمد المغربي الشهير بـ (الري)..

مسيرة الشعالية الرياضية.. قمة من قمم الكرة الليبية فى ذلك الزمن الجميل..

اسمه الحقيقي علي عبدالسلام الحشاني، ولد في عام 1937 بحي "سى اخريبيش" ببنغازي، ويقال أنه اشتهر باسم "علي الشعالية" لتعلقه كثيرا بعائلة والدته منذ الصغر، بدأت علاقته بكرة القدم بمدرسة الأمير، وقد أكد رأي آخر هذا الكلام، وهو أن الحشاني اكتسب لقب الشعالية من خلال جدته "الشعالية" اللهم اغفر لها وارحمها وهو كان يدرس في مدرسة التوريلي. وأخذ لقب الشاعلية من أخواله الذين تربى بينهم، وقد عرف بالتواضع و حسن الخلق، واحترامه لجميع الناس صغارا و كبارا..

في عام 1961 وضمن بطولة برقة للدرجة الأولى، قدم "الشعالية" واحدة من أفضل مواسمه الكروية وأحرز أجمل وأروع مبارياته التي جمعت فريقه الهلال واتحاد درنة، وقد أسهم في إحراز خمسة أهداف مقابل لا شىء قادت فريقه لفوز كبير، وتحصل في نهاية الموسم على لقب هداف بطولة الدوري برصيد 20 هدفًا.

فيما كانت الشهادة الأبرز من الصحفي الرياضي الإيطالي الذي شاهد "الشعالية" في مباراة فريقه "الهلال" مع فريق الاتحاد بطرابلس في عام 1959، وقال إن هذا اللاعب يتمتع بقدرات وإمكانات فائقة تجعله لاعباً دولياً محترفاً فأطلق عليه لقب "الدولي".

قبل سنوات وأثناء زيارتي لنادي الاتحاد في طرابلس، برفقة الصديق المعلق الرياضي "محمد بن تاهية" حكي له واحد من أشهر مشجعي الفريق، وهو رجل كبير السن قصير القامة، كان يحضر إلى مقر النادي في سيارة فولكس حمراء اللون، على لون فانيلة أو الغلالة التي يلبسها فريق الاتحاد، عندما عرف أني من مدينة بنغازي وأشجع فريق الهلال، أن مشجعي الاتحاد وطرابلس عموما، معجبون شديد الإعجاب بلاعب الهلال "علي الشعالية" وأنهم أطلقوا عليه لقب "الدولي" قبل أن يطلقه الصحفي الإيطالي، وأنه في إحدى المباريات، كاد مشجعو الاتحاد أن يرفعوا السيارة التي كان يركبها علي الشعالية، لاعب الهلال من شدة إعجابهم به.

في بداية الستينيات وبعد إصابته في إحدى المباريات المحلية، تقرر علاجه في إحدى مصحات إيطاليا، وبعد انقضاء فترة العلاج في روما، سمح له بالتدريب مع لاعبي فريق لاتسيو، ومنذ الوهلة الأولى أدرك مدرب الفريق الايطالي أن هذا النجم الليبي يملك من الإمكانات الفنية ما يؤهله لتعزيز قوة الفريق وتقديم الإضافة له، فعرض عليه التوقيع على كشوفات الفريق لمدة موسم واحد، إلا أن "الشعالية" رفض ذلك.

وفي عام 1966 كان ضمن بعثة فريق الهلال في رحلته إلى إنجلترا التي زار خلالها ملعب ويمبلي الشهير، حيث أجرى الفريق 3 مباريات بدعوة من نادي فنشلي الذي سبق أن لعب في مدينة بنغازي بدعوة من نادي الهلال.

في بداية الستينيات وأثناء وجوده بالعاصمة المصرية القاهرة رفقة زملائه محجوب بوكر والحارس العملاق إبراهيم المصري فتحت إدارة نادي الزمالك المصري قنوات التواصل والاتصال عن طريق النجم الراحل حمادة إمام للتعاقد مع هذا الثلاثي الليبي الدولي لتعزيز تشكيلة الفريق غير أن الشعالية اعتذر عن ذلك لارتباطه وتعلقه ورفاقه بفريق الهلال.

ففي عام 1957 سجل هدفاً في مرمى فريق سليما المالطي ليتفوق الهلال بهدفين لهدف، ثم سجل هدفاً آخر في مرمى منتخب الجزائر في مباراته مع الهلال، كما تألق في مباراة فريقه الهلال مع المنتخب المالطي عندما سجل هدفين ليتفوق الهلال برباعية، وفي عام 1965 سجل هدفين في مرمى فريق فنشلي الإنجليزي ليفوز الهلال بهدفين لهدف.

بدأت مشاركته الدولية الرسمية مع المنتخب الليبي الأول في عام 1957، عندما اختير ضمن صفوف المنتخب الوطني المشارك في الدورة الرياضية العربية الثانية التي أقيمت في بيروت، وأحرز أول أهدافه فى هذه البطولة حيث أحرز ثنائية في شباك المنتخب التونسي، وهدفًا آخر في شباك المنتخب العراقي، ثم اختير للمرة الثانية للمنتخب الليبي المشارك في الدورة الرياضية العربية الثالثة عام 1961 في المغرب.

شهدت مباراة فريق الهلال الودية التي فاز فيها على ضيفه الأهلي المصري بهدفين لصفر بملعب البركة خلال شهر أكتوبر عام 1968 آخر ظهور له بقميص وغلالة فريقه الهلال، حيت واصل مسيرته الكروية فيما بعد مع فريق الأهلي ببنغازي المحطة الثانية والأخيرة.

إنها مسيرة رياضية حافلة بالعطاء والبذل والجهد في سنوات كانت الرياضة والولاء للنادي هو الهم الأول للرياضين، ولا مكان للماديات..

مسيرة لاعب فذ، أعجبت به الجماهير الهلالية والجماهير الرياضية عامة، لما يتمتع به من مهارات عالية ولمسات، وأخلاق رياضية رفيعة المستوى.

* اعتمدنا في هذا المقال على: زين العابدين بركان، سيرة الشعالية. موقع الوسط