Atwasat

تفادي قشور الموز

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 02 أغسطس 2020, 01:06 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

ينقسم كتاب الدكتور علي عتيقة «بين الإرادة والأمل: ذكريات وتجارب حياتي»*، من حيث طبيعة موضوع السرد في كل مرحلة من مراحل حياة صاحب هذه الذكريات والتجارب، إلى المراحل التالية:

1- ما تمكن تسميته مرحلة السيرة الذاتية «المباشرة»، أي تلك التي تركز على الجانبين الشخصي والعائلي في حياة الكاتب. وهي تغطي مرحلة الطفولة وما اكتنفها واستبطنها من معاناة، ومرحلة بداية الشباب التي انتقل فيها إلى العمل في طرابلس. مع ما يتخلل هذه المرحلة، بطبيعة الحال، من معلومات وشهادات اجتماعية وسياسية وسمت تلك المرحلة.

2- مرحلة دخول مجال العمل في طرابلس في مصلحة الزراعة، وهي فترة قصيرة دامت حوالي سنتين.

3- مرحلة الدراسة في أميركا، دامت من سنة 1951 إلى 59، وتميزت بالنضال العنيد في طلب العلم وإثبات الكفاءة والتفوق.

4- مرحلة العمل الوظيفي في ليبيا. امتدت من سنة 1959 حتى 1973، وتميزت بالعمل الدؤوب الجاد من أجل تأسيس قواعد علمية ومؤسساتية تحتضن البحث العلمي في مجال الاقتصاد وشؤون التنمية وترعاه بغية توفير مرافق ومرتكزات تقوم عليها الخطط التنموية. وتكشف هذه المرحلة عن بعض الاختلالات البنيوية في هيكل النظام القائم حينها «النظام الملكي» والعراقيل الإدارية الأخرى.

5- مرحلة العمل خارج ليبيا أمينا عاما للمنظمة العربية لتصدير النفط «أوابك»، التي غطت الفترة من 1973 حتى 1987، ثم العمل أمينا عاما مساعدا ومديرا إقليميا للمكتب العربي في البرنامج، وغطت مدة العمل مع هيئة الأمم المتحدة الفترة من 1987 إلى 1994.

اتسمت فترة تولي منصب الأمين العام لمنظمة «الأوابك» بالعمل المرهق والطموح الجياش بهدف بناء صف عربي موحد ومتماسك في مجال تصدير وصناعة النفط، يرعى المصالح الوطنية والقومية للوطن العربي. لكن كان من الطبيعي أن تنتقل إلى هذه المؤسسة الوليدة اعتلالات العلاقات بين الدول العربية وخلافاتها المختلفة المستدامة. وبالتالي كان مستحيلا، ما لم تجر تسوية هذه الخلافات، إنجاز هذا الهدف الحيوي، الأمر الذي آثر معه الدكتور علي عتيقة تقديم استقالته اتساقا مع مبادئه وما يمليه عليه ضميره المهني والوطني والقومي، وبالتالي الإنساني العام.

انتهت فترة العمل مع الأمم المتحدة بالتقاعد، لكنها كانت حافلة هي الأخرى بالعراقيل والمثبطات، أو ما عبر عنه أحد أصدقائه من ذوي التجربة والخبرة بـ «وجود الكثير من قشور الموز».

6- مرحلة الاستشارات والعمل التطوعي، التي كان أبرزها تولي منصب الأمين العام لـ«منتدى الفكر العربي» 1996- 2000.

*
قلنا في البداية، إن مرحلة الطفولة وبداية الشباب يمكن اعتبارها «سيرة ذاتية مباشرة»، أما المراحل التالية فهي تمثل المسار الوظيفي وما أحاط به من ظروف دافعة أو معيقة، تتخلله نفحات من السيرة الذاتية المتعلقة بالعلاقات العائلية. ونرى أن الدكتور علي عتيقة كان واعيا تماما بطبيعة محتوى الكتاب الذي أنجزه، حيث لم يصنفه تحت مسمى «مذكرات» أو «سيرة ذاتية»، وإنما اختار له تصنيف «ذكريات وتجارب حياتي» لأنه رأى، في ما يبدو، أن هذا هو الجانب الأهم في حياته الذي يمكن أن يستفيد منه القارئ، بالذات القارئ الشاب في مرحلة التحصيل العلمي أو بداية ولوج الميدان الوظيفي.

* الدكتور علي أحمد عتيقة، بين الإرادة والأمل: ذكريات وتجارب حياتي. دار ورد الأر دنية للنشر والتوزيع، 2013.