Atwasat

العلاقات الإثيوبية - المصرية والصراع على مياه النيل(5) تحليل مواقف الدول

محمود محمد خلف الأحد 26 يوليو 2020, 12:59 صباحا
محمود محمد خلف

لا شك أن تحليل أي أزمة دولية أو مشكلة دولية لا يكتمل إلا بفهم مواقف الدول المتورطة ومواقف دول الجوار والدول الكبرى الفاعلة في النظام الدولي.

أولا: موقف إثيوبيا

تطور الموقف الإثيوبي من مسألة حصص إثيوبيا من المياه خلال العقدين أو الثلاثة الماضية، ويمكننا القول إن السياسة الإثيوبية كانت صامتة أو لنقُل كانت راضية بوضعها الذي فرضته مجموعة إعلانات المبادئ والاتفاقيات السابقة منذ العشرينات من القرن الماضي.

ولكن الموقف الإثيوبي تطور واتخذ منحى استلابيا وتجديديا تمثل في استكمال بناء سد النهضة والانتهاء من المرحلة الأولى من ملء الخزان، والتي تقع في حدود تقل قليلا عن 5 مليارات متر مكعب.

وفي آخر تطور، انتهت القمة الأفريقية المصغرة (عن طريق الدائرة المغلقة حول السد برعاية الاتحاد الأفريقي وبمشاركة إثيوبيا ومصر والسودان)، دون التوصل إلى اتفاق نهائي. في الوقت الذي ادّعى فيه وزير الخارجية الإثيوبي، السيد أندارجاشو أنّ سدّ النهضة ملك إثيوبيا؛ قائلًا: النيل لنا. ولا شك أن هذا ادعاء مبالغ فيه؛ والمقصود منه التعبئة الداخلية والدعم السياسي للحكومة الحالية، وتثبيت المطالب الإثيوبية في مواجهة التحدي المصري.

كيف يمكننا تلخيص الموقف الإثيوبي في نقاط هامة؟

من خلال متابعتنا للتصريحات الإثيوبية ونتائج المفاوضات السابقة يمكن تلخيص الموقف الإثيوبي أو المطالب الإثيوبية فيما يلي:

1. التمسك الشديد بأحقية إثيوبيا في نصيب الأسد من المياه وحقها غير المقيد في التنمية والتعمير.

2. قبول مبدأ التفاوض من حيث المبدأ، وأن أي اتفاق يتم التوصل إليه لا يكون ملزماً لإثيوبيا.

3. رفض جميع المطالب المصرية الخاصة بموضوع سدّ النهضة وتوزيع الحصص.

4. التأكيد المتكرر على أن لا أحد يستطيع وقف إثيوبيا عن ملء الخزان بشكل كامل خلال السنوات القادمة، رغم ادعائها بأن هذا العمل لن تتضرر منه مصر ولا السودان.

ثانيا : موقف مصر

وكما تطور الموقف الإثيوبي من مسألة مياه النيل من الرضا إلى السياسة الاستلابية، فإن الموقف المصري تطور هو الآخر، ولكن في اتجاه عكسي تقريبا كما سنحاول إيضاحه. فقد كانت مصر تتبع منذ عبدالناصر سياسة ثابتة ومتشددة تجاه قضية المياه واستمرت هذه السياسة خلال حكم السادات ومبارك إلى حد كبير؛ وكانت مصر تجرّ وراءها كل دعم الدول الأفريقية لموقفها الثابت. وبعد أحداث 25 يناير 2011، دخلت مصر مرحلة ضعف جرى خلالها التركيز على التطور السياسي الداخلي، بينما انتهزت إثيوبيا الفرصة لاستغلال الغياب المصري وضعف الأداء الدبلوماسي الخارجي.

واستمر الحال حتى ثورة يونيو 2013؛ والتي شهدت استمرارية الحياة السياسية المصرية من جديد، وبداية محاولات جديدة لتدارك الانهيارات الدبلوماسية السابقة. غير أن هذه المحاولات اعتمدت كما رأينا على السياسة الناعمة وعلى وسائل أو آليات صارت غير صالحة في مواجهة السياسة الاستيلابية الإثيوبية الجديدة، التي تسعى من وجهة النظر المصرية إلى حرمان مصر من حقوقها التاريخية الراسخة في مياه النيل.

كيف يمكننا تلخيص الموقف المصري أو المطالب المصرية في نقاط موجزة؟

نستطيع تحديد الموقف والمطالب المصرية كما يلي:

1. احترام الحقوق المصرية التاريخية الراسخة في مياه النيل مسألة غير قابلة للنقاش؛ ويترتب عليها عدم التأثير على مستويات النيل السنوية.

2. حق مصر في المشاركة في إدارة سدّ النهضة.

3. اعتراض مصر (والسودان) على مقدار الفترة الزمنية لملء سدّ النهضة.

4. على إثيوبيا التوقف عن كل التصريحات والتلميحات والإجراءات التى ترمي من خلالها إلى الانفراد بالقرارات الخاصة بمياه النيل خارج المجموعة الأفريقية.

5. متابعة نتائج المرحلة الأولى لتعبئة السدّ على مستوى جريان النيل في مصر سوف تظهر بعد 18 إلى 23 يوما؛ وإذا تبيّن وجود ضرر فإن إثيوبيا تكون مجبرة على تسريح المياه المحبوسة غصباً.