Atwasat

كرَاع.. وكرعين!!

صالح الحاراتي الأربعاء 17 يونيو 2020, 03:55 مساء
صالح الحاراتي

إلى زمن قريب كنت أظن أن كراع ليست من العربية الفصحى، ولكن أخطأ ظنى.. فقواميس اللغة تقول إن الكُرَاعُ من الإنسان: ما دون الرُّكبة إلى الكعب.. والكُرَاعُ من البقر والغنم: مُسْتَدَقُّ الساق العاري من اللَّحم. والجمع: أَكْرُعٌ، وأَكارعُ،

وكراع من كل شيء أي طرفه.

اما الرِّجْلُ: من أَصل الفَخِذ إِلى القدم والجمع: أَرْجُلٌ.. هذا مختصر ما تقوله قواميس اللغة.

الأَرْجُلُ فى لهجتنا العامية نسميها "كرعين" والمفرد "كراع" ، وهنا نصل الى عنوان هذه السطور"كراع وكرعين"

وعنه يتبادر للذهن لفظ "كوارع" وأن الحديث سيمضي بنا إلى"الكوارع" أشهر الأكلات في العديد من الدول العربية، وكذلك في أغلب البيوتات وعلى اختلاف طبقاتها والتى تشتهر بها المطاعم الشعبية بالذات والمعروفة بـ "شربة الكوارع" أو "فاصوليا بالكوارع".

ولكن المقصد الذى أرمي إليه هو استعارة "الرجلين" والكرعين للتعبيرعن مواقف معينة فى الحياة، ذلك هو ما دعانى لكتابة هذه السطور إذ ليس كل ما ينسب إلى الأرجل "الكرعين"هو بالضرورة أمر سيء.

في أرياف مصر هناك تعبير يقال للتعبيرعن نباهة وذكاء المرأة التى تتصرف بحرفية ومهنية محكمة رغم أن أدواتها والوسائل المتاحة لها غير جيدة فيقولون:

"الشاطرة تغزل برجل حمار"

وهنا نحن نرى أن "رجل الحمار" قد جاء استخدامها فى أمر جيد.
وفى بلادنا سمعت مثلا أو عبارة تهكمية ساخرة تستدعي رجل الحمار الأمامية لتكون هي الدالة على توصيف شخص ما بأنه لا قيمة له.. لا "يهش ولا ينش"، فيقولون فلان "زى رجل الحمار القدامية لا تحك ولا تصك".

ولا يفوتنا أن هناك استدعاء وتعبيرا آخر ولكنه يستخدم رجل حيوان آخر للتعبيرعن صعوبة أو استحالة إصلاح حال البلد مثلا فيقولون: البلاد "لاعبين فيها بكراع كلب"!! وهنا يمكن أن تبرز لدى البعض مقارنة بين رجل الكلب ورجل الحمار ومدى كفاءة كل منها للتعبيرعن الحالة.

ويحضرنى استدعاء آخر حيث يقال فلان :"كراع في الدُّنيا وكراع في القبر" كناية عن أنه كبيرفي السِن.

ويقال أيضا أن علان لا يعرف يد الشّيء من رجله: أي جاهل بالأمور، ويقولون أيضا فلان "يُقدِّم رِجْلاً ويؤخِّر أخْرى" بمعنى يتردَّد في أمره بين الإقدام عليه أوالإحجام عنه .

وتستدعى الذاكرة أيضا قولا آخر هو "فلان يمد رجليه على قدر لحافه"

أو يأتى بصيغة الأمر

"مد رجليك على قد لحافك" أي تصرّف في حدود قدراتك وحَسب إمكاناتك.

هناك مقاربة واستدعاء للرجلين والكرعين بشكل ذكي وذلك عندما تضرب الحيرة أطنابها وتسود الضبابية وتصعب عملية الاختيار بين الممكنات بسبب أن المعروض كله سيء فيقولون للتعبير عن تلك الحالة: "زى من يوازى ف الكرعين" أي صعوبة التفضيل والبحث في الكرعين أيهما أفضل من الأخرى.

يقال أيضا فلان "كرعيه طوال".. دلالة على أنه كثير الترحال ويذهب إلى أماكن بعيدة.

ويقولون فى تبرير سلوك معين "الرجل تمشي وين يحب الخاطر"

فى مصر يقولون "الرجل تدب مطرح ما تحب"..

أما إن كان مصير أحدهم سيئا فيقولون فلان "راح في الرجلين"

الاستعارة وعلاقتها بالحيوان كثيرة

فنحن شركاء في العيش على هذا الكوكب وإذا كنا تناولنا موضوع الكرعين فهناك تعبيرات أخرى مادتها ترتكز على الحيوان

"اللى تلقاه راكب على خشبة قوله مبروك الحصان"

وعندنا مثل يدل على صعوبة التوفيق بين عدة مزايا واعتبار ذلك من المستحيلات فيقال "تبيها حمراء وجراية وما تاكلش الشعير" نسبة للفرس لو اكتملت كل المتطلبات بشكل كامل. جمال اللون والقدرة على الجري السريع مع عدم تكليف صاحبها مشقة توفير غذاء مكلف مثل الشعير.

ونتذكر أيضا؛ فلان "يدس ويكتم" مثل الجمل؛ وفلان شجاع كالأسد وعلان ماكر لئيم كالثعلب.

نعود لإى "الكرعين" التى يراها البعض برؤية دونية ونظرة احتقار ونشير وفي عجالة، إلى أن الأَرْجُلَ والأقدام والكرعين رغم تحقير البعض لها ولكن فقدانها بسبب مرض أو بتر في الحروب يبين أهميتها بحيث لا نبخس قيمتها.

وأخيرا أشير إلى أن "الكرعين" تأتى للإنسان بالشهرة والملايين ومثال ذلك لاعبو كرة القدم العظام.