Atwasat

الحرب النفسية في الحرب الليبية

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 31 مايو 2020, 11:38 صباحا
عمر أبو القاسم الككلي

الحرب النفسية أسلوب شائع الاستخدام في الحروب الباردة والساخنة على السواء، سواء بين الدول، أو في الحروب الأهلية. وهذا الأسلوب يؤدي، إلى هذا الحد أو ذاك، الغرض المستهدف منه. وعندما نقول "حرب نفسية" فإننا نعني "فن التضليل"، إما من خلال المبالغة في تضخيم أحداث فعلية أو من خلال الحديث عن "وقائع" مختلقة.

وفي الحرب الأهلية الليبية الجارية حاليا استخدم هذا الأسلوب.

فمنذ بضع سنوات راجت أقوال، واضح أن وراءها جيش إلكتروني جرار، مؤداها أن طرابلس ليست مدينة آمنة، حيث تجري فيها،وفق هذا الزعم، عمليات الخطف والاغتيال ببساطة ودون رادع.

وحتى عندما يزور شخص (ذكرا كان أم أنثى) من إحدى مدن المناطق الشرقية طرابلس، وينشر على صفحته في أحد مواقع التواصل الاجتماعي أنه لم يشاهد في طرابلس مظاهر عنف وعدم أمان، تنهال عليه وابلات اللوم والتعنيف والاستنكار، ويتهم بالانحياز وإخفاء الحقيقة.

كما كثر القول أنه في طرابلس ترتع التنظيمات المتطرفة الإرهابية. وهذا ليس صحيحا. أنا، بالطبع، لا أستبعد وجود "خلايا إرهابية نائمة"، لكن لا وجود علنيا لتنظيمات من هذا النوع على غرار ما كان عليه الحال في بنغازي ودرنة وسرت.

لا أريد أن أمضي إلى القول أن طرابلس آمنة أمنا، أو أمانا، عميما وشاملا وكاملا. لكنها ليست على الصورة التي يجري تصويرها لنا. صحيح أنها تتحكم فيها التشكيلات المسلحة (= المليشيات) التي تصارعت أحيانا، إلا أن هذه المليشيات نأت بنفسها عن سلوك العصابات الإجرامية وسعت إلى اكتساب ثقة الناس، كما حاولت أن تحوز على نوع من الشرعية.

بطبيعة الحال، ليس هذا هو الطموح العام لدى الناس. فالطموح الأساسي والطبيعي هو دولة مدنية ديموقراطية ذات مؤسسات محكومة بدستور وقوانين، ومن ضمن هذه المؤسسات المؤسستان العسكرية والأمنية. مؤسسة عسكرية منضبطة تتبع إدارة الدولة، وليس العكس.
هذا الكلام يقودنا إلى الكشف عن جانب خفي (على الأقل بالنسبة إليَّ أنا شخصيا)، وهو أن الحملة التي كانت تشوه صورة الحياة في طرابلس على مدى سنوات، كانت حملة مخططة ومنظمة ومدبرة لتبرير الهجوم على طرابلس ومحاولة احتلالها.