Atwasat

كِتابُ الحي لا يُقرأ!

أحمد الفيتوري الأربعاء 27 مايو 2020, 03:18 صباحا
أحمد الفيتوري

"قبل أن تموت" قصص: السنوسي الهوني، "الضجيج" قصص: محمد المسلاتي، "كراسات" دراسات نقدية: خليفة التليسي، "الأمس المشنوق" قصص: كامل المقهور، "الجدار" قصص: يوسف الشريف، "الصلاة خارج نطاق الأوقات الخمسة" قصص: إبراهيم الكوني، "الكلمات التي تقاتل" مقالات فكرية: يوسف القويري، "أقوال شاهدعيان" قصص: محمد على الشويهدي، "كراسات مسرحية" مقالات فكرية: البوصيري عبد الله، "البحر لا ماء فيه" قصص: أحمد إبراهيم الفقيه، "الكلمة- الشرارة"، دراسات نقدية: فوزي البشتي ...

عرضت كتبي التى جلبتها، أثناء الحوارمعي، في فقرة من برنامج "ألوان" بالتلفزيون الليبي، منتصف سبعينات القرن الماضي، في المقابلة التي أدارها المذيع أحمد أنور، من كان من مسئولي تحرير مجلة "جيل ورسالة"، ما كانت توزع كتابا، كهدية مع أعدادها الخاصة، مثل: "من قصص الأطفال" للصادق النيهوم، ديوان "تذاكر للجحيم" للشاعر محمد الشلطامي من كانا نجمي اللحظة.

كنت غاضبا محموما، مما يلقاه الكتاب الليبي لحظتها، أشير ممسكا بكتاب إلى أهميته، فأطروحته تتسم بالجدة والعمق، كراسات التليسي، وأن جدار يوسف الشريف لم تعد طباعته، منذ فوزه عام 1965م بجائزة مسابقة اللجنة العليا للفنون والآداب، وأشدت بقصص المقهور، وبأنه في قصة "بوخة" بمجموعة "14 قصة من مدينتي"، جعلني أشم البوخة فأسكر، لقد برع في حبكته ونسجه، ووكدت أنها كتب قيمة في الأطروحة والتناول، وقد طالعت أغلبها عبر المركز الثقافي الليبي، ما أغلق بعدها، لأن هذه الكتب لم توزع جيدا، بل هي حبيسة المخازن، رغم أن ما طبع منها كميات محدودة.

عقب اللقاء مباشرة كنت في طرابلس، بمقر عملي بشارع طارق بمبنى المؤسسة العامة للصحافة، بجريدة الفجر الجديد، كمسئول القسم الثقافي المشرف على صفحة "آفاق ثقافية- كتابات شابة"، كنت والزميلة فاطمة محمود، حين دخلت فتاتان عرفت لحظتها أنهما فوزية شلابي، وسعاد الوحيدي التي أشادت بلقائي التلفزيوني، ومرتكزه حال الكتاب الليبي، في وقت لاحق عقدت ندوة حول كتاب صدر حديثا، والندوة حينها حدث كما صدور كتاب، ما كان "أقوال شاهد عيان" المجموعة القصصية الثانية لمحمد على الشويهدي، وقد كان الحضور استثنائيا ولافتا للنظر، فالكثير من الكتاب والصحفيين حضروا، ما لم أشاهد مثله، تحدث في الندوة خاصة عن المجموعة الاولى للكاتب "أحزان اليوم الواحد"، حيث تناول من تحدث قبل المجموعة الثانية دونما إشارة للأولى.

عقب انتهاء الندوة مباشر، لقيت صدى مقابلتي التلفزيونية، وكأني كنت فم جمع الكتاب، حول الغبن الذي يلقاه الكتاب الليبي منذئذ، ولأول مرة أتعرف على جلّ الحاضرين، وفي تلك اللحظة دعاني القاص كامل المقهور لزيارته بالبيت، وقد فعلت. لقد كنت في وسطهم الشاب اليافع، من في العشرين من عمره، من تحدث عن كتاب الحي الذي لا يقرأ، في اللحظة التاريخية التي كرس فيها القهر، حيث في 17 أبريل 1973م، أعلن رئيس السلطة الفاشية في البلاد، ما دعاه الثورة الثقافية، وزج في السجون بأغلبية من المثقفين ومنهم الكتاب والصحفيين، ولذا في تقديري كانت الندوة كما تعبير عن الوجود، فكان تميز حضورها، فرشمها في ذاكرتي حتى الساعة.

الحقيقة التي أفصحت عنها، ليس معاناة الكُتاب، وكما أشرت أن حينها، منهم من خرج من السجن لتوه، كعبد الله القويري ويوسف القويري وأمين مازن، لكن المعاناة المضافة قبر الكِتاب. فالكتاب الليبي لمؤلفين ليبيين وحتى لغيرهم، يلقى الصدود من سلطة تحاربه وموزع غائب ومن قارئ يجافيه. لذا قبر في المخازن أو على أرفف المكتبات النادرة، أما إعلاميا فذاك أمر شبه مستحيل، في حين أن كتابا غير معلن عنه كطفل أنكرت ولادته، وهكذا منذ السبعينات ومع السلطة الفاشية سبتمبر 1969م، سيكون الكتاب جملة محاربا، أما الليبي منه على الخصوص، فتقريبا قد منع من النشر، والسلام.