Atwasat

الحرية.. أجنحة تحلق في الأغنيات

أحلام المهدي الإثنين 11 مايو 2020, 10:20 صباحا
أحلام المهدي

الحرية، هذه التميمة المتدلية من أعناق الكادحين والقيد المحيط بمعاصم البائسين و "الكوبري" الذي يعبره الطغاة إلى أحلامنا البسيطة.

هذه الحسناء التي يعشقها الجميع فيطلبون وصلها من المهد إلى اللحد، تتبختر في شوارع مدن كثيرة في العالم وتُصلب في شوارع مدن أخرى.

الحرية مفردة تزدهر في أغنيات البشر لأنها خلقت لهم قبل أن يجردهم منها طغاة كل عصر، لهذا "أنا حُر" عبارة بوزن صفعة تعجز عن توجيهها الأكف المرتعشة.

ثمة ارتباط وثيق إذا بين الحرية والإنسان الذي يبتسم لها عندما تتحقق له ويبكي في حضنها عندما يفقدها، في أغنياته ورقصاته وقصائده تتكئ هذه الحرية وتمارس سطوتها ومن حيث لا يدري تطل برأسها وكأنها مرادف للحياة برمتها.

إن الحرية بمفهومها السياسي والاجتماعي والعاطفي أيضا طرقت باب الأغنية العربية بقوة، منذ أن قال إبراهيم ناجي بلسان أم كلثوم:
"أعطني حريتي أطلق يدي" في إشارة إلى أن الحب قيد يسلب حرية الواقع فيه، أو يحد منها على الأقل، وبين طالب الحرية في "الأطلال" ومانِحها في "مطلوق سراحك يا طوير" يقف الحب حائرا بين لذة الحرية وسحر القيود عندما يحكم إغلاقها عاشق.

ألحّت أغنيتان على ذاكرتي وأنا أكتب هذه السطور، "علّي صوتك بالغُنا" للمصري محمد منير و "تانغو الحرية" للبنانية هبة طوجي، في الأولى تشعر بأن الكلمات تتمرد وتحلق بعيدا، تنطلق رصاصا من الحناجر وفراشات من حقل توليب:
دي غنوتك وسط الجموع
تهز قلب الليل فرح
تداوي جرح اللي اتجرح

هذا أسلوب حياة يليق بالبشر إذا، فمهما كان ما نمر به نستطيع أن نواجهه بالغناء طالما لم يمنعنا أحد أو شيء من ذلك:
علّي صوتك بالغنا
لسه الأغاني ممكنة
ولا انهزام ولا انكسار
ولا خوف ولا
حلم نابت في الخلا

في تانغو الحرية ومع الكوكتيل الذي يتبناه أسامة الرحباني من الموسيقى العالمية بالإضافة لصوت هبة طوجي الذي يندفع مثل صرخة لا تخطئ أبدا هدفها، في أغنية واحدة تجد نفسك تتمشى مع العشاق في أزقة بوينس آيرس وتعيش مشاعر سجين بائس في زنازين "أوغيستو بينوشيه".

في أغنية واحدة اختصرت طوجي "قصة مدينة":

هالتانغو الأرجنتيني
بيحكي قصة مدينة
......
خلف الرقصة في تاريخ
من جرايم حزينة

وبعيدا عن حكايات الثورة والثوار في أميركا اللاتينية تخبرنا الأغنية أن التانغو ليس مجرد رقصة وليس حتى مجرد اسم لمنتخب كرة قدم شهير:
صارت الرقصة بتتنزه ع حدود الخطر
تانغو الحرية
واللي عم ترقص تتمسك بشريكا أكثر
ليروح ضحية

الحرية رقص وغناء وقصائد، الحرية فراشة قد يكون أثرها رفيفا ناعما لا نحسه وقد يكون زلزالا شرسا لا يُبقي حجرا على حجر.