Atwasat

أوروبا والزائر البغيض

أنور الكبير الأحد 26 أبريل 2020, 01:54 صباحا
أنور الكبير

فجأةٌ، انطلقت صفارات الإنذار، ففرّ الجميع على عجل، رحلوا عن المدينة إلى بيوتهم، وتوقف كل شئ، المدارس، الجامعات، المقاهي، المطاعم، المناسبات الاجتماعية باختلافها، وانطفأت أنوار الإنتاج باستثناء ما يتعلق بالصحة والغذاء، لا خروج مسموحا به خارج نطاق المحلّة، فخَلَتْ الشوارع من المارة والراكبة، وكأن شيئاً من الماضي لم يكن.

وصار اللقاء عبر وسائل الاتصال والشُرفات، فلا مصافحة، ولا لقاء على قهوة الصباح، ولا موعد هنا أو هناك، كلُ الوجوه غابت واختفت بين أحضان زوايا بيوتها، تدعو ألاَّ يطول بها الفرار، وتنهارَ من فاجعة تراكم الأرقام بين مغادر ومَنْ في انتظار، حيث الحقيقة بين المستشفيات والمقابر.

وعندما يحين موعد الخروج، يتردد، يُلغي، يُؤجل، يفرك شعر رأسه مرات ومرات محاولاً إيجاد مبررٍ ولو كان واهياً ليتراجع، ولكن لا مفر من الخروج فالغذاء إلى نفاد، يقرأ ما حفظ وما تلقى عبر نقّاله من تسابيح وأدعية، يرتدي قفازاته وكمامته، يبدأ ترمومتر الانتباه واليقظة لديه في الصعود، تجاه عدوٍ ينتظر في غفلةٍ منه ليخترقه، يقف في الطابور منتظراً دوره في الدخول إلى المحل التجاري، متحاشياً مَنْ يسبقه ويليه مسافةً وحديثاً، ينتابه الشك في كل ما يلمسه في السوق، ويتلبسه الخوف إذا تخيل أنه لمس سهواً فمه أو أنفه أو إحدى عينيه، فيُسرِع الخطوات في عجلةٍ منه، ليعود إلي قواعده سالماً.

خلّيك بالبيت، مع مَنْ هم في حاجة إليك.
حَفِظكم اللهُ