Atwasat

لقطات كورونوية «5»

جمعة بوكليب الخميس 23 أبريل 2020, 05:00 صباحا
جمعة بوكليب

                              1

الحرب الكونية ضد فيروس «كورونا» ما زالت على أشدها. ويتعرض زحف العدو الفيروسي إلى مقاومة قديمة، مجربة، أساسها الانسحاب بالحياة، وحمايتها بالعزل.
لكن لم يخطر ببالي أن هذه الحرب ستطال النحل، وأن إجراءات الحد من انتشار الفيروس ستنعكس على تحركاته وتنقلاته سلبيا، وستؤثر على الإنتاج الزراعي. 
قرأت تقريرا إعلاميا، في بداية الأسبوع، فاندهشت لوجود علاقة بين قيود الحد من التنقل بين مناطق البلد الواحد، وإغلاق الحدود بين البلدان، وتأثيرها على النحل وإنتاجه والعاملين في قطاعه، لكني حين انتهيت من قراءة التقرير زال عجبي، وازداد إعجابي بالنحل، وعظم امتناني لما يقدمه من خدمات جليلة للإنسانية.
لم أكن أعرف أن مربي النحل، كمربي الماشية والأغنام، يقومون بالتنقل بما لديهم من خلايا نحل بشاحنات، من مكان إلى آخر في بلدانهم، ومن بلد إلى بلد، بغرض توفير المرعى المناسب لها، وليتمكن النحل من ممارسة طبيعته في إنتاج العسل، وليقوم بدوره في تلقيح أشجار الفواكه، بنقل اللقاح من شجرة إلى أخرى. وأن القيود التي فرضت، أخيرا، ضد حرية التنقل بين مناطق البلد الواحد، وإجراءات إقفال الحدود بين البلدان بسبب الفيروس حالت دون قيام مربي النحل برحلاتهم الموسمية مما حرم النحل من الغذاء وحرم أشجار الفواكه من اللقاح. وبعملية حسابية بسيطة يتبين مدى حجم الخسارة التي حاقت وتحيق بالنحل، وبمربي النحل، وبأشجار الفواكه، وبمزارعي الفواكه، وبنا نحن جميعا كمستهلكين. 
                               2
في الدنمارك عاد تلاميذ المدارس «للجد ثانية»، وعادت الحياة إلى أجواء فصولهم المدرسية، واصطفوا في طوابير متأهبين، هذا الأسبوع، لاستئناف ما حرموا منه خلال الأسابيع الماضية. بقية بلدان أوروبا تتابع، باهتمام شديد، الخطوة الدنماركية، لأن نجاحها يعني تمهيد الأرض سريعا لعودة التلاميذ إلى مدارسهم في عديد من دول العالم. التلاميذ فرحون جدا بالعودة، بعد غياب قسري. العودة للمدارس سوف تقتصر في البداية على التلاميذ ما دون سن 12 عاما. وتركت الحكومة لمديري المدارس والمدرسين، كل في مدرسته، إعداد ما يناسبهم من خطط تتوافق مع المحاذير الصحية ومتطلبات العملية التعليمية. 
نسبة 90% تقريبا من التلاميذ عادوا إلى المدارس، في حين أن نسبة ضئيلة من الآباء والأمهات أصروا على إبقاء أطفالهم في البيوت خشية تعرضهم للإصابة. البعض منهم أسسوا رابطة على وسائل التواصل الاجتماعي سموها «أبناؤنا ليسوا فئران تجارب»، اعتراضا واحتجاجا ضد خطوة الحكومة. لكن المدارس فتحت أبوابها، والفصول الدراسية عمرت بالضحكات والحكايات والشقاوة الطفولية. 
النرويج قررت اللحاق بالدنمارك وفتح المدارس في الأسبوع المقبل، وألمانيا الشهر المقبل: هل الخطوة الدنمركية مؤشر بقرب إعلان بداية نهاية الحرب؟

                                3 
التقرير الإعلامي المثير للدهشة حقا، هذا الأسبوع، يتعلق بما كشف عنه انتشار فيروس «كورونا» في إسرائيل من حقائق مذهلة سواء لنا نحن العرب أو لغيرنا من الشعوب.
أولاها أن أكبر نسبة من الضحايا لم تكن في الأحياء والمدن التي تسكنها أكثرية عربية، كما كان متوقعا، بل في الأحياء التي يقطنها أعضاء الطائفة الأرثوذكسية «السلفية» اليهودية في القدس الشرقية.
وثانيتها وأهمها أن الأطباء والممرضين والصيادلة وغيرهم من المنخرطين في المهن الطبية من العرب في إسرائيل متخندقون في خط المواجهة الأول ضد هجمات الفيروس، وأنهم يقاتلون بشراسة لإنقاذ حيوات المصابين من السكان اليهود، في مستشفيات تل أبيب وحيفا وغيرها من المدن والبلدات. التقرير مفاجئ «بالنسبة إلي» بما شمله من إحصائيات رسمية تتعلق بارتفاع نسبة العاملين العرب في المجال الطبي من المجموع الكلي للعاملين في القطاع الصحي الإسرائيلي.
واستنادا إلى التقرير، فالعرب في إسرائيل يشكلون خمس عدد السكان، لكن 50% من الصيادلة في كل إسرائيل من العرب، وفي التمريض تصل نسبتهم إلى ربع عدد الممرضين والممرضات، في حين أن عدد الأطباء يشكل نسبة الخمس من العدد الكلي. أكبر مستشفيات إسرائيل تضم أطباء عربا يترأسون أهم أقسامها، وأن أهم عالم وباحث متخصص في علم الفيروسات عربي.
معظم الأطباء العرب في إسرائيل درسوا وتخرجوا في الجامعات الأردنية خصوصا بعد العام 1994، الذي يؤرخ لتطبيع العلاقات بين الأردن وإسرائيل. ويطلق السكان في إسرائيل على بلدة «كفر قرع» العربية، بجنوب حيفا، لقب مدينة الأطباء بسبب كثرة ما يوجد بين سكانها من أطباء.
السبب في ارتفاع نسبة العرب في القطاع الصحي، كما يؤكد الدكتور جميل حسين، هو أن الطرق إلى غيرها من الوظائف أغلقت في وجوه السكان العرب، ولم يعد أمام الشباب العربي سوى السعي لتأهيل أنفسهم في مجالات علمية دقيقة متخصصة، وفي مقدمتها دراسة الطب.
واستنادا إلى هاني داود، رئيس رابطة الصيادلة التي تمثل عدد 300 صيدلي في شمال إسرائيل، فإن هذه النسبة العالية من العاملين الصحيين العرب لم تحقق للعرب المساواة في المواطنة مع السكان اليهود، ولم تجلب لأهلهم أي امتيازات أو أفضلية، من قبل الحكومة الإسرائيلية!!