Atwasat

أسعار النفط الخام إلى أين؟

أنور الكبير الأربعاء 15 أبريل 2020, 02:53 مساء
أنور الكبير

«أمريكا أولا»، كلمة لم يقلها رجل الأعمال اعتباطا، لكنها كانت تُعبِّر عن أنانيته وصلفه، وسط عالم تحكمه المصالح المتبادلة والحكمة السياسية، رغم انتقاد الكثير، من الداخل الأمريكي وخارجه، لنزقه السياسي، وارتجال توقعاته والرجوع عنها (كما حدث أخيرا قبل وخلال الأسابيع الأولى من انتشار جائحة كورونا في أمريكا).

قد تكون الأسطر السابقة مهمة، لنتلمس بعضا من سيكولوجية رجل الأعمال الرئيس، وأحد اللاعبين الأهم في مستقبل أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية.

في هذه السنة 2020، وحسب توقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، سيفوق إنتاج أمريكا من النفط الخام 12 مليون برميل يومياً، ما يجعلها منافساً قوياً لأكبر المنتجين في العالم (روسيا والسعودية). ولكن معضلة طبيعة النفط الخام الأمريكي (الخام الصخري) أنه يتواجد محبوساً بين طبقات من الصخور تحتاج لتقنيات مكلِّفة للتعامل معها، قياساً بالتكلفة المنخفضة جداً لإنتاج النفط الطبيعي المُنتَج من قِبل الدول الأخرى، التي من بينها السعودية وروسيا. لذا ، فإنه (أي الخام الأمريكي) يحتاج لاستثمارات ضخمة، واستخراجه عالي التكلفة.
أى بمعنى آخر، أنه عند انخفاض سعر النفط الخام إلى مستوى لا يمكن من خلاله تحقيق هامش ربح لعمليات إنتاج النفط الخام الأمريكي (كما هو الحال في هذه الأسابيع الحالية)، فإن أغلب الشركات الأمريكية العاملة في مجال النفط الأمريكي ستقفل أبوابها (عدة شركات أعلنت إفلاسها فعلاً خلال هذه الأسابيع).

أما إذا ما ارتفع سعر النفط الخام العالمي، فإن أمريكا سيكون بمقدورها الاستمرار في تطوير قُدراتها الإنتاجية، ومن ثمَّ، باستطاعتها أن تسحب جزءاً مُهماً من حصة المنتجين الآخرين في سوق النفط العالمي، مما سيُسبب الإزعاج لروسيا التي ستخسر جزءا من حصتها، وامتيازاتها من اعتماد أوروبا على النفط والغاز الروسي.

وفي كل الأحوال، كلما بقي سعر النفط منخفضا (خاصةً حالياً ) أو غير مستقرٍ، كلما كان له التأثير السلبي المباشر على الموازنات التنموية، قصيرة وطويلة الأجل، للدول المعتمدة على الاقتصاد الريعي، هذا من جانب .

ومن جانب آخر، انخفاض السعر سيكون مفيدا، نسبيا، على المدى المتوسط للدول غير المنتجة للنفط الخام لمواجهة تداعيات جائحة كورونا.

إذاً، ما الذي سيحدث باختصار،
- اتفاق روسيا وأمريكا على سعر مناسب يُرضي الجميع، سيحتاج لوقت يصعُب التنبؤ بمدته، مما سيزيد من إرباك السوق العالمي للنفط.
- التلاشي التدريجي لدور منظمة الأوبك في تحديد سقف الإنتاج العالمي من النفط الخام، كان هذا ظاهرا منذ أن اضطرت المنظمة إلى ضم 10 دول أخرى تحت مُسمى أوبك بلس. ( OPEC Plus)
واللافت للنظر، أن الخلاف الحالي أحد أطرافه عضو مؤسس للمنظمة الأم، السعودية، وعضو من مجموعة أوبك بلس، روسيا، ودولة من خارجهما، أمريكا. مما يؤكد أن المنظمة الأم في طريقها إلى الذوبان والاختفاء تدريجيا.
- إذا استمر الرئيس الأمريكي في منصبه إلى ما بعد سنة 2020، ولم يتم الاتفاق مع روسيا، فسوف يكون للضغط السياسي والاقتصادي (وأحيانا العسكري، ولكن بأقل حدة) على دول الشرق الأوسط، وأفريقيا، والمكسيك، وفنزويلا، من إجل تخفيض الإنتاج.
- قد يكون اعتماد تكلفة إنتاج النفط الصخري عتبةً لاستقرار السوق النفطي. لكنه يحتاج لآلية محكمة لمراقبة حصص الإنتاج لكل دولة، سعياً للحفاظ على أسعار مقبولة.
فهل يتفق رجل الأعمال ورجل المخابرات؟