Atwasat

اتركوا المركزي وشأنه

إبراهيم سعيد قرادة الإثنين 06 أبريل 2020, 09:07 صباحا
إبراهيم سعيد قرادة

ما يشاهد هو قريب من لعبة السنوكر/البلياردو الاقتصادية الخارجة عن الطقس، حين يستعجل البعض لإدخال الكرتين البيضاء والسوداء في الحفرة قبل الانتهاء من الكرات المرقمة الملونة!

خلخلة السياسة النقدية ،التي يقوم بها المصرف المركزي في هذا الظرف والتوقيت، أخطر بكثير من زعزعة آثار الحرب المدمرة على طرابلس أو تداعيات جائحة كورونا الرهيبة، لأنها تجمعهما معاً. فالظرف الراهن والقادم يتطلب دعم المصرف المركزي للقيام بمهامه- مذكورة أدناه- في ضمان المرتبات وتغطية الاحتياجات الضرورية للحياة من ماء ومأكل ودواء ومعدات ونقل وكهرباء..

يصعب فهم الاتجاه نحو هز المصرف المركزي الآن، لأن أي تعثر للمصرف المركزي سيكون كارثيا، فالمصرف المركزي بمثابة القلب للجهاز الدوري، الذي هو المصارف، في الاقتصاد الذي هو الجهازان التنفسي والهضمي معاً في جسم الانسان في هذا المثل. فحتى لو كان هناك خلل في بعض أجزاء الجسم أو أطرافه، لو كان في الدماغ فلا يوجد طبيب مؤهل ومقتدر يتلاعب بالقلب (المصرف المركزي) حتى لو كان مضطرب النبض او الجهاز الدوري (المصارف) حتى لو كان مرتبكا، إلا اذا كان طبيبا شعبيا يجيد الحجامة والكي وطلاسم الأحجبة، أو هناك بوليصة تأمين وتأبين.

أضف إلى ذلك، وضمن المتن لا هامشه، أنه مهما كانت الانتقادات لإدارة المصرف المركزي وجيهة ومبررة أو مغرضة وذرائعية، وباعتبار الظرف المعلوم والمعاش من حرب وصراع وانقسام وتنافس وتهافت (هدر رهيب، ايقاف تصدير النفط، دين عام منفجر، طباعة عملة منفلت، استنزاف ودائع الأفراد في أجزاء من ليبيا)، فلولا إدارة المصرف المركزي لكانت الأوضاع الاقتصادية والنقدية كارثية وأمامنا تجارب الدول الشبيهة، حيث وحين فقدت العملة قيمتها المحلية والدولية (التضخم) بعشرات المرات لدرجة حملها في "البرويطة" ووزنها بدل عدها. صحيح وجود ضائقة اقتصادية معيشية عند أغلب الأغلب من الناس، إلا ان المصرف المركزي استطاع المحافظة على سداد المرتبات لكل ليبيا وضمن توفر السلع وكبح انفلات الأسعار.

وليس المصرف المركزي وحده المسئول، بل لو تركت الأمور كما يشتهي ويسعى البعض لالتهمت الوقائع الأصول والاحتياطات وجففتها، وحينها لن يجد الليبيون أي شيء يسندهم.

الأصوات المنتقدة للمصرف المركزي، منها من يبغي الإصلاح والتطوير، وقلة منها تستهدف محل القرار في المصرف المركزي لأغراض متعددة، تأتي المسئولية الوطنية فيها متداخلة او ضائعة او مقامرا بها مقابل حلول تخديرية قصيرة المدى او منافع صغيرة الدائرة.

الإشكالية أن بعض الأقلية المتنفذة صوتها عالٍ ويغطي مساحات واسعة تربك الرأي العام وتوجهه نحو ان يضغط فيما ليس بالضروري من صالحه، ومن ذلك توجيه صانع القرار السياسي بالاستجابة لاتخاذ قرارات غير سليمة العواقب.

السياسة النقدية صعبة ومعقدة ويستوجب على صاحب القرار السياسي الاستماع والاستنارة برأي الخبراء المخضرمين من المجال البحثي من خارج المصرف المركزي وداخله، وهناك كوكبة وطنية مقتدرة معروفة جيداً.

للتوضيح بشأن ماهية المصرف المركزي، تبسيطاً وللتقريب، في كل العالم، هناك ثلاث/ أربع سياسات اقتصادية كلية: سياسة مالية (النفقات والإيرادات)، سياسة نقدية (النقود والبنوك)، سياسة تجارية (التبادل الداخلي والخارجي)، وسياسة اقتصادية (البطالة والتوظيف والعمل والإنتاج والخدمات والتوزيع، النمو والتنمية..) وهذا بتبسيط.

المصرف المركزي هو المخول بالسياسة النقدية، ويعتبر ويجب أن يكون هيئة مستقلة عن السلطة التنفيذية والتشريعية في أداء عمله وتنفيذ السياسة النقدية السليمة- وهذا لا يعني عدم التنسيق والقابلية للمساءلة.

من أس مهام وأهداف البنك المركزي، في الأدبيات الاقتصادية العالمية: المحافظة على استقرار العملة الوطنية، كبح التضخم ومستويات الأسعار، توفير السيولة، إدارة الاحتياطات والأرصدة والمحافظة عليها، تحديد معدلات الفائدة بما يساعد على الاستقرار والنمو ويشجع العمال ومعدلات بطالة منخفضة.

أدواره
- تحديد وتنفيذ السياسة النقدية المناسبة (توسعية عند الركود الاقتصادي، وانكماشية عند التضخم)
- تنظيم العمل المصرفي ومراقبة المصارف وتنظيم أسواق وعمليات التدفقات المالية.
- توفير الخدمات المصرفية.
- البحوث الاقتصادية.