Atwasat

ماذا فعل «كورونا» بالعالم .. وماذا سيفعل بنا؟

بشير زعبية الأحد 29 مارس 2020, 01:48 مساء
بشير زعبية

ماذا فعل «كورونا» بالعالم؟ وماذا سيفعل بنا؟.. هل سيتغير المفهوم التقليدي للقوى العظمى، ويعاد النظر في معايير القوة والقوى؟ وسيتغير معه النظام العالمي القائم؟ ويتغير معه السلوك البشري، على هذه الأرض؟ هل سنؤرخ بما قبل ظهور«كورونا» وما بعده؟ وإلا أين اختفت الهيمنة الأميركية على العالم، وماذا فعلت، أمام «عدو» يجتاح العالم ويزلزله، ولا يترك أمام ساكنيه سوى خياري الاستسلام للحبس الطوعي أو الموت الحتمي؟ وهي التي كانت تحدد العدو، وتجيش ضده العالم، وتختار وقت الإعلان عن هزيمته، مستعرضة مدى قوتها وسطوتها على الأرض، أين التجمعات الإقليمية والدولية، أين الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، وقمة العشرين، أين الـ «ناتو» وأين الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وباقي المنظمات المتفرعة عنها؟

دول أعضاء في هذه التجمعات، تركت تواجه مصيرها وحدها، ولم تشفع لها معاهدات واتفاقات التعاون والدفاع المشترك.

لننظر إلى إيطاليا كمثال بائس وهي تقف وحيدة معزولة في مواجهة الجائحة، أنانية تطغى على السلوك الدولي في أقصى تجلياتها، وسيادة منطق «نفسي، نفسي»، لا أحد يتضامن مع أحد، فليس له وقت ليتضامن معه، وإن حدث فبالقول لا بالفعل، لأن الكل منشغل بحماية نفسه والدفاع عنها في مواجهة عدو زاحف لا يراه، كل دولة تفرض طوق عزلة حول حدودها، وكل مدينة تنكفئ على نفسها، وتعزل نفسها عن شقيقاتها، داخل الدولة الواحدة، وكل حي يفك ارتباطه بالحي المجاور في المدينة الواحدة، داخل الدولة الواحدة، بل كل بيت، وكل فرد، هو الآن يخضع لقانون حجر وعزل، يفرضه «كورونا»، الذي يهز البورصات، ويخلخل شوارع المال، ويعيد صياغة السلوك المجتمعي، ويطيح بالمسلمات.. إلى أين يمضي بنا«كورونا» وما شكل العالم الذي سيعيد صياغته لنا؟

الكل الآن في حالة فزع وترقب، ليس أمام الذي يجري الآن، إنما لما يمكن أن يفعل «كورونا» بالعالم بعد أن يفعل فعله ويختفي، أي تغير سيشهده النظام العالمي؟ وما حجم التأثير الذي سيطال السلوك البشري، عقب انحسار الجائحة؟

هناك من يرى أن الأمر سيمر اعتيادياً كما مر من قبل حين أُصيب سكان الأرض بأوبئة أودت بحياة الملايين، من الطاعون إلى الإنفلونزا الإسبانية، وغيرهما، لكن هناك من يرد بأن العصر غير العصر والعالم غير العالم، والنظام غير النظام، فلم يعد العالم ذاك الفضاء الحدودي المترامي من الماء إلى الماء، إنما الآن هو قرية صغيرة، أذابت التكنولوجيا الحدود فيها وجعلت مصيرهم وسلوكهم الحياتي في أيديها، حتى أن هذه القرية الصغيرة، تحولت منذ ظهور الفيروس الغازي، مصحة صغيرة، وصار مصير كافة نزلائها تحت رحمته.