Atwasat

نحن والأفيال

عبد السلام الزغيبي الجمعة 20 مارس 2020, 02:11 مساء
عبد السلام الزغيبي

عرفت مدينة بنغازي للمرة الأولى، واحدا من فصيلة الأفيال، بقدوم الفيل المعمر( طويل العمر)،الذي شهد سكان المدينة لحظة نزوله من سفينة في ميناء بنغازي، قادما من حديقة حيوانات نابولي، ورحلته إلى البوسكو، مرورا بشارع الاستقلال.. وتوقفه للاستراحة أمام مبنى السيلس "مخزن الغلال" في بنغازي.

هذا الفيل المسكين "اللي أمه داعيه عليه" عاش في حديقة المدينة أو ما يعرف هنا بـ "البوسكو" وهي كلمة إيطالية تعني (الغابة الصغيرة)، أو جنينة الحيوانات حسب الاسم الشعبي، أنشئت عام 1956 كحديقة للحيوانات بإدارة إيطالية..

من صميم عمله كان أن يخرج للزوار كي يتفرجوا عليه ويتفرج عليهم، وكثيرا ما كان يتثاءب في وجوههم، عندما يريد أن يخلد للراحة، لكن عمله الروتيني يتطلب منه أن يخرج للزوار والصبيان المشاغبين الذين يقومون عادة بمشاكسته ورمي كل ما يقع في أيديهم من أشياء حتى "الميش" في جوفه..

الذي أعلمه أن لا أحد في المدينة الصغيرة بمساحتها وسكانها، عنده فكرة كافية أو معلومات دقيقة بعالم الأفيال، ولهذا فإن معظم الناس الذين يعيشون فيها ليسوا على دراية بالعديد من الحقائق المثيرة عنها، التي أحببت أن تشاركوني معرفتها..

يعتبر قطيع الفيلة المجتمع الأكثر تماسكًا بين جميع الحيوانات، ولا تترك الأنثى القطيع إلا إذا ماتت أو تم إمساكها من قبل البشر. فإن الموت هو حدث مهم للغاية بالنسبة لهم. عادة، العمر المتوقع هو 60-80 سنة. كما تعلمون، فقط الفيلة والناس والإنسان البدائي لديهم طقوس الدفن. إذا كان فيل مريضًا، فإن أفراد القطيع يقدمون له الطعام ويدعمونه عندما يقف. إذا مات الفيل، فسوف يحاولون إحياءه بالماء والغذاء لفترة من الوقت. عندما يتضح أن الفيل قد مات، يصبح القطيع صامتاً. غالبًا ما يحفرون قبرًا غير عميق ويغطون الفيل الميت بالطين والفروع، وبعد ذلك يبقون بالقرب من القبر لعدة أيام. إذا كان الفيل لديه علاقة وثيقة مع المتوفى، فقد يصاب بالاكتئاب.

الفيلة هي من بين أكثر الحيوانات ذكاءً على وجه الأرض. يزن دماغها 5 كجم ، أكثر بكثير من أدمغة الحيوانات الأخرى. يتكون المخ من عدة طيات معقدة، على عكس جميع الحيوانات باستثناء الحيتان، والتي تعتبر عاملاً مهمًا للغاية في ذكائها. وكقاعدة عامة، يظهرون الحزن والفرح والرحمة والتشجيع والوعي الذاتي واستخدام الأشياء واللعب وقدرات التعلم الممتازة.
إذن، الفيلة لديها إحساس وشعور وتصاب بالاكتئاب.. وقد قرأت مؤخرا خبرا عن بيان أعلنته حديقة الحيوانات فى مدينة قرطبة الإسبانية عن وفاة الفيل الأكثر حزنا فى العالم، بعد ما قضى فى هذه الحديقة ما يقرب من 43 عاماً وحيداً ومنعزلاً وتراجعت صحته حيث انتقل إليها منذ كان عمره 3 سنوات.

ورغم أن فيل البوسكو عندنا لم ينل الرعاية والاهتمام في السنوات الأخيرة، إلا أن أفيال حدائق حيوانات العالم المتقدم وحتى حدائق حيوانات بعض بلدان أفريقيا، يجد فيها الفيل كل رعاية واهتمام بفضل جمعيات رعاية حيوانات دولية..

شاهدت فيلما وثائقيا في محطة ايرت 2 اليونانية حول ملاذ الفيلة.. يتحدث عن مؤسسة تنشط في زامبيا لحفظ الطبيعة تُديرها المجتمعات المحلية لتحقيق أهداف تعزيز الأمن والتنمية المستدامة والمحافظة على الحياة البرية في البلد. وفي هذا الخصوص يوجد ما يعرف بملاذ الفيل، حيث يتولون رعاية الفيلة وحمايتها، بعد إطلاق النيران عليها، أو رميها بالرماح في محاولة لاصطيادها، للحصول على الأنياب لصناعة العاج و "المعروف أن الفيلة تستخدم الأنياب من أجل التنقيب عن الطعام والماء، واقتلاع الأشجار وفروعها ونقلها، وللدفاع عن النفس وجذب الطرف الآخر عند التزاوج، حيث يقول حماة البيئة إن فيلاً بدون أنياب هو فيل معاق".

قد يقول قائل.. ما شأنك أنت وشأن الأفيال، وباقي الحيوانات، دعنا نهتم بالبشر أولا؟؟

وإجابتي.. لا يقاس المجتمع المتطور بتعامله مع البشر فقط، إنما بتعامله مع الحيوانات، وحسب قانون الرفق بالحيوان (حماية الحيوانات) الصادر عام 1994. "إنّ الرفق بالحيوان والعناية به هو مطلب كل الشرائع السماوية".

أتمنى أن أرى يوما، تدريس وتعليم هذا القانون، للنشء الجديد، ضمن المنهج التعليمي لوزارة التعليم في مدارسنا.