Atwasat

مؤسسة عسكرية محكومة أم حاكمة؟.

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 26 يناير 2020, 12:29 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

يبدو لي أن "المؤسسة العسكرية الليبية" تنفرد بتاريخ متميز. إذ منذ بداية تكوينها مع استقلال الدولة الليبية المعاصرة كان ثمة تخوف منها. فبسبب نشوء ظاهرة الانقلابات العسكرية في الوطن العربي والعالم، حرص النظام الملكي في ليبيا على إبقاء هذه المؤسسة هزيلة لصالح تسمين قوة بديلة تتبع وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية، هي ما عرف "القوة المتحركة" التي كانت تتفوق في تسليحها على تسليح المؤسسة العسكرية، وكان يراد لها أن تكون قوة ضاربة في حال محاولة المؤسسة العسكرية القيام بانقلاب والاستيلاء على السلطة.

في عهد معمر القذافي جرى في البداية التركيز على تقوية المؤسسة العسكرية وتضخيمها واقتصر تسليح الأجهزة الأمنية التابعة إلى وزارة الداخلية على الأسلحة الشخصية محدودة الفاعلية القتالية. إلا أن معمر القذافي سرعان ما انتبه، بالذات بعد اكتشاف الإعداد لمحاولة انقلابية من عدد من أعضاء مجلس قيادة الثورة بقيادة عمر المحيشي سنة 1975، إلى خطورة هذه المؤسسة على استمراره فوق كرسي السلطة، فشرع في توهينها وإضعافها وتمييعها بطرق مختلفة واستبدل بها ما سمي "الكتائب الأمنية" ذات التسليح القوي والتي تتبعه هو شخصيا وعائلته ولا تخضع لأية مؤسسة من مؤسسات الدولة.

" بعد أحداث فبراير والوضع الذي نتج عنها تطور الخوف من المؤسسة العسكرية والعداء لها إلى محاربتها (بالمعنى القتالي للكلمة) واستهداف إزالة وجودها المادي نهائيا والاعتماد على"كتائب" لا تتبع قيادة موحدة، هذه المرة، وإنما تتبع تحالف أمراء حرب ينظرون إلى الوطن كغنيمة حرب ينبغي تقاسمها بين المنتصرين‘‘من كلٍ حسبَ سلاحِهِ، لكلٍ حسبَ قوَّتِهِ‘‘"*.

وحتى الآن ينعدم وجود "مؤسسة عسكرية" في ليبيا، وما يطلق عليه، أو يطلق على نفسه، اسم أو صفة الجيش، شرق ليبيا وغربها، هو، كما يقول المناطقة، اسم لا "ما صدق" له على أرض الواقع، ويدخل الحديث عن وجوده الفعلي في صناعة الوهم. ما يوجد فعليا، في شرق ليبيا وغربها، تشكيلات مسلحة، ميليشيات، تساندها ما يطلق عليها من يسمون أنفسهم، شرق البلاد وغربها، جيشا، "القوات المساندة". وهذه "القوات المساندة" تتدرج من جماعات مسلحة ليبية إلى مرتزقة أجانب.

كاتبة مصرية لها صفحة على الفيس اتخذت لها عنوانا "رئيس نحكمه لا رئيس يحكمنا". وأريد هنا استعارة هذا الشعار للقول:
نريد "مؤسسة عسكرية" تكون سنا في ترس الدولة الدمقراطية وخاضعة لسلطتها (ولا أقول: لقيادتها). وليس "مؤسسة عسكرية" تتسلط على الدولة وتحولها من دولة ديمقراطية إلى دولة دكتاتورية شمولية.

* عمر أبو القاسم الككلي، تطور"رهاب المؤسسة العسكرية" في ليبيا المعاصرة.http://alwasat.ly/news/opinions/25680?author=1