Atwasat

عندما كنا دولة

محمد حمامة الإثنين 13 يناير 2020, 10:47 صباحا
محمد حمامة

كان لنظارة المالية مصلحة تسمى (الخزينة العامة) وكان مقر نظارة المالية ملاصقا للمصرف التجارى ومدخل الخزينة من البوابة التي تقود إلى الأمن الداخلى بجوار مبنى المحكمة العليا، وأذكر شخصيتين كانتا تعملان فيها أحدهما لآل صويدق، لا أعلم إن كان على قيد الحياة أم توفاه الله، والثانى كان سي عوض ساسي رحمه الله الذى أعرفه بحكم أنه كان أمين صندوق النادب الأهلي. وكانت بقية الأقسام تمتد في نفس المبنى على طول الشارع ويمكن الوصول إليها من خلال باب فى منتصف الشارع الذي يفصل هذا المبنى عن مجمع محاكم شمال بنغازي وإدارة المحاماة الشعبية، كان في هذه المصلحة، فيما أذكر، قسم يسمى الفحص قبل الدفع وآخر يسمى الفحص بعد الدفع، كان يعمل به حسن بوليفة وعبد الله ادغيم أطال الله في عمرهما والمرحوم المهدي اسميو وشخصية أخرى لآل اسميو رحمه الله لا أذكر اسمه الأول وعلى زيو رحمه الله ثم سعد ولا أذكر بقية اسمه ولكنه معروف بين أصدقائه من شباب بنغازي بسعد دبك، كان من الصرافين المرحوم رمضان الدويك عضو مجلس إدارة النادي الأهلى رحمه الله.

تبدأ الحكومة في صرف المرتبات منذ يوم 23 من الشهر حيث يحضر الصراف مع كشوفات المرتبات والأموال المخصصة ويجلس فى مكتب محاسب المصلحة ويصرف مرتبات كل عامل وموظف وفقا للكشف، ولم يكن على الموظف أن يكون له حساب مصرفى، كانت هذه العملية تستغرق حوالى ثلاثة أيام فى عموم برقة، تقوم بعدها المصلحة بمطابقة حساباتها ونفقات الحكومة قبل نهاية الشهر وتقفل الخزينة أبوابها آخر يوم من كل شهر من أجل ذلك واعتماد مراجعي الحسابات لهذه المصروفات، تفتح بعدها أبوابها في الأول من الشهر الجديد، وهكذا تتكرر العملية كل شهر، بعض الجهات الخاصة كانت تدفع أجور مستخدميها بطرق مختلفة. فمثلا عمال التفريغ في الميناء كانوا يتقاضون أجورهم في نهاية كل يوم، فتنتهي علاقته بصاحب العمل بمجرد قبض أجره، بعض من مستخدمي شركات النقل البحري وأشهرها متشل كوتس ومستخدمىي المعسكرات البريطانية كانوا يتقاضون أجورهم أسبوعيا فيما عرف محليا (بالحفظة).

في جماهيرية العقيد لم تقفل الكثير من مؤسساته وشركاته ميزانياتها ولم تقدم حساباتها الختامية لجهات الرقابة لعدة أسباب كاستخدام هذه الشركات كواجهات لأنشطة أخرى تخص أمن النظام وتعذر بالتالي مراجعة حسابات هذه الجهات أو أن يكون على رأس هذه الشركات أو المؤسسات شخصيات من المقربين من النظام من الذين لايطالهم ولا يسري عليهم القانون، وعندما تم حل وتصفية هذه الشركات تبين أن رؤوس أموالها وأصولها الثابتة والمنقولة قد نهبت وبيعت بطرق غير شرعية.