Atwasat

عوانس الدانمارك وفارس الأحلام... الليبي!

عبدالقادر البرعصي الخميس 26 ديسمبر 2019, 04:30 مساء
عبدالقادر البرعصي

"عوانس الدانمارك يشاركن في مظاهرة من أجل أن يتزوجن!" يطالعك هذا العنوان بجانب صورة لجمع من الشقراوات في فساتين بيضاء ووردية على مواقع التواصل الاجتماعي فتباينت ردود الفعل عندنا حسب الشريحة الاجتماعية.

زوجٌ يتحسرُ ويندب حظه العاثر ويطالب كل زوجة ليبية بتقبيل رأس زوجها والتفاني في إرضائه. طبعا إضافة الى مسؤولياتها من طبخ وغسل وتربية الأطفال وتنطيف البيت وانتهاء بالعمل خارج البيت الذي أملته ظروف الأزمة من نقص للسيولة وغلاء الأسعار.

وزوجةٌ بدورها تخشي انعكاسات وملابسات هذا النبأ المشئوم وتدعو الله أن يعمي بصر زوجها وتلعن اليوم الذي دخل فيه النت والفيسبوك إلى حياتها. وعزباء يصدمها الخبر وتشاطر المتزوجة أشجانها في صمت.

وعازب بدأ يفكر جديا - هذه المرة وقد عرف وجهته - في الهجرة ليركب البحر ويتجشم عناء قوارب الموت لكي يصل كوبنهاجن على صهوة جواد أبيض فينتشل شقراء حسناء تنتظره بشغف فيحملها خلفه ويطيرا إلى عالم آخر. بعيدا عن عالم النشاز الذي تغلب عليه المزاجية والتنكر لآدمية البشر والذي أبطأت فيه عقارب الساعة إلى حد التوقف وتغلغلت فيه العشوائية إلى حد النخاع. من القصف العشوائي إلى البناء العشوائي إلى التدابير والإجراءات الارتجالية والمواعيد المحددة المفتوحة الأجل إلى الحكومات المؤقتة الدائمة والانتقالية التي تراوح في مكانها.

يتبدد الحلم او ينقشع الكابوس ببحث بسيط في قوقل يبين أن هذه الصورة كانت في دولة لاتفيا في احتفال سنوي لا علاقة له لا بالدنمارك ولا بالعنوسة. والعجيب أن الصورة ليس فيها ملامح الرفض والاحتجاج لنساء ساخطات على الوضع بل على العكس ترى الفرح والسرور بين النساء وحتى الفتيات الصغيرات اللاتي لا يفكرن في الزواج بعد.

الميل إلى تصديق كل ما يتفق مع قناعاتنا وأمانينا هو حالة من اللاوعي يعززها الشعور بالإحباط والتطلع إلى بطل أو منقذ. وخير دليل على ذلك تصديق السذج الأغرار وعود داعش ببناء دولة خلافة إسلامية راشدة تعز الإسلام وترفع الظلم والذل عن المسلمين.

وهذا الموضوع ليس وليد الساعة رغم أن عصر تكنولوجيا التواصل والاتصالات المذهلة لا شك زاد من حدته. ففي بداية السبعينيات انتشر خبر يقول أن رائد الفضاء الأمريكي نيل آرمسترونج أعلن إسلامه عندما زار القاهرة وسمع الآذان لأنه سبق وأن سمعه على سطح القمر. وبعد انتشار الخبر على نطاق واسع قام الصحفي اللبناني شوقي رافع بتوجيه قائمة من الأسئلة حول الموضوع لنيل آرمسترونج فجاءه الرد موجزا: "أشكرك على الأسئلة الواردة في رسالتك ولكنني لسوء الحظ أعجز عن الإجابة عنها لأنه ليس لها أساس من الصحة.. فالتقارير التي تشير إلى إسلامي ظهرت كشائعات أثناء زيارتي لماليزيا. فأنا لم أعتنق الإسلام ولم أسمع صوت الأذان على القمر، ولم أزر مصر في حياتي وأعتذر عن الإزعاج الذي سببته لكم صحافة تفتقر إلى المصداقية".