Atwasat

سلامة.. ليبيا!

عبدالقادر البرعصي الإثنين 09 ديسمبر 2019, 12:53 مساء
عبدالقادر البرعصي

بدأ غسان سلامة مهمته كمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا في يونيو 2017 على أمل حلحلة أزمتها التي طال أمدها بسبب الحماقة التي أعيت من يداويها كما قال الشاعر! كان سلامة سادس ستة خلال ستة سنين (666) وهو ما يعرف برقم الوحش عند أخوانه من النصارى خاصة في المجتمعات الغربية ومرتبطا في أذهان الكثير بالتطير والتشاؤم! والعجيب أن الرئيس الأمريكي رونالد ريجان وزوجته نانسي قاما سنة 1989 بتغيير عنوان بيت لهما في لوس انجلس من 666 إلى 668. لا أعتقد أن أحدا في الغرب أو الشرق تنبه للمصادفة بل على العكس من ذلك فلربما تفاءل البعض باسمه لعله يأتي بالسلامة.

فشل من جاء قبله في تحقيق النتائج المرجوة رغم المؤهلات وتباين الخلفيات. فقد ضمت القائمة الأردني عبد الإله الخطيب (مارس 2011 - سبتمبر 2011)، الإنجليزي ايان مارتن (سبتمبر 2011 - أغسطس 2012)، اللبناني طارق متري (أغسطس 2012 - أغسطس 2014)، الأسباني ليون برنالدينو (أغسطس 2014 - نوفمبر 2015)، والألماني مارتن كوبلر (نوفمبر 2015 - يونيو 2017). رغم تحركات سلامة وسفراته وتصريحاته الرنانة في البداية خفت الجعجعة في الآونة الأخيرة قبل أن نرى ذرة طحين. فبعد أكثر من عامين ونصف من المناورات لم تزد الأزمة الليبية إلا تعقيدا. بات سلامة يتململ ويشير بأصبع الاتهام هنا وهناك ومعترفا ضمنيا بالفشل وباحثا على ما يبدو عن مخرج يحفظ له ماء الوجه بعد أن تعالت الأصوات لإسقاطه.

قرأنا مؤخرا في صحيفة الوسط أن الاتحاد الأفريقي استاء من أدائه ومن إخلاف الوعود المتكررة منه ومن الأمين العام للأمم المتحدة. تطور الأمر إلى محاولة استبداله بالرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزیز، ولكن المبادرة أجهضت من قبل واشنطن وباريس! ومع ذلك كانت المحاولة بمثابة نكزة كافية لدفع سلامة للظهور مجددا لكنه بدا متشائما هذه المرة ليقول إنه ليس من الممكن الحديث عن دولة ديمقراطية في ليبيا خلال أي وقت قريب وأنه يسعى حاليا فقط لإجراء انتخابات بلدية في عدد من المدن، لأن عقد انتخابات رئاسية وبرلمانية ليس متاحا الآن في الأراضي الليبية!

ليت شعري ما الفرق بين إمكانية إجراء انتخابات وانتخابات!! إلا أن الأخيرة - الرئاسية والبرلمانية - هي الأهم وهي التي يدور حولها مناط حل الأزمة الليبية! وباختصار شديد، المزيد من المماطلة والتمديد إلى أجل غير مسمى! هذا الهراء يجعلني أشك في نوايا الرجل ودوافعه! ولكن على فرض حسن نواياه، ماذا في جعبته أصلا مما قد يؤهله لحل أزمة شائكه كالحالة الليبية؟

كلّف بتنظيم القمة العربية في بيروت التي تبنت المبادرة العربية السعودية للسلام. فشلت المبادرة ولم يعد يذكرها أحد.
كان ضمن وفد الأمم المتحدة المبعوث إلى العراق بعد الاحتلال الأمريكي. فشل والدليل حال العراق اليوم!
عمل مستشاراً للأخضر الإبراهيمي خلال مهمته للعراق وسوريا وما أدراك ما حل بسوريا والعراق!
فشل في الترشح لمنصب الأمانة العامة لليونسكو وانسحب بسبب عدم ترشيح بلده لبنان له!

ولكي لا أكون مجحفا في حق الرجل فإن كل هذه المهمات شائكة ومعقدة ولا أحمله المسؤولية عما آلت إليه الأمور. ولكن النجاح في المهمات الصعبة هو النجاح وما عداه ليس بشيء! فهل نتوقع أن ينجح بعد ذلك في مهمة شائكة عصية وترويض الأطراف الليبية المعاندة التي تصر على أن الغربان ماعز ولو طارت؟