Atwasat

النسوية الواعية: منظمة «معا نبنيها» نموذجا

محمد إبراهيم الهاشمي الخميس 21 نوفمبر 2019, 02:30 مساء
محمد إبراهيم الهاشمي

في المرحلة الحالية، مرحلة تأسيس الجمهورية الليبية الثانية، بعد الأولى التي اغتيلت من إعلانها ومن ثم حُوّلت إلى جماهيرية فوضوية، تحتاج ليبيا إلى أحزاب وطنية قوية وعلى ذات الأهمية تحتاج منظمات نسوية تنموية واعية.

ذكرت في المقالة السابقة المعنونة بـ«اليوم أمر وغدا نتمنى أن يكون أمر أجمل يا هند»، و التي لا تكتمل هذه المقالة إلا بها، أن أقوى رابطة في مجتمعنا عادة تكون بين الأم و وولدها الذكر لسبب ذكرته، أي أنها صاحبة التأثير الأكبر فيه إيجابا وسلبا. وأنها لعقود طويلة ظلت تساهم في إعادة إنتاج ثقافة مضرة تعرف بالمجمتع الذكوري إرضاء لولدها لذات السبب ولكي تجد القبول والمكانة ضمن هذه الثقافة وهذا العرف. أي بتحديد أكبر أهم عنصر يلعب دورا في بيئتنا وبنيتنا المجتمعية هو الأم. ولن أتحامل عليها هنا فجميعنا يعلم كيف تتم تنشئتها. وما الضغوطات التي تعانيها كزوجة وكأخت وكإبنة مما يدفعها للعب هذا الدور. وهنا تكمن أهمية وجود منظمات نسوية قوية تنموية وواعية.

إن أهم دور تلعبه المنظمات النسوية برأيي إعداد المرأة بشكل عام والأم بشكل خاص وتنميتها فكريا وثقافيا لأنها المسؤولة عن إنتاج الجيل القادم. على المنظمات زرع فكرة المساواة والمشاركة في عقول السيدات لكي تصبح ثقافة عامة تنقلها السيدات لأبنائهن ذكورا و إناثا وتحل محل الثقافة المريضة التي نعيش في كنفها مجتمعيا والتي تؤثر سلبا على الجميع.

فعلى سبيل الذكر لا الحصر كم من أم ساهمت في اضطهاد بناتها من قبل إخوتهم الذكور إرضاء لولدها ولكي تكسبه عاطفيا في حال ما تخلى عنها يوما زوجها أو إخوتها أو والدها. وكم من أم لم تدافع عن حقوق بناتها إرضاء لزوجها لكي لا يطلقها أو يتزوج عليها. و مجددا أنا لا أتحامل على الأم ولكن كثيرة هي الحالات التي ذكرتها. ويجب أن تتوقف هذه الثقافة المريضة، ثقافة الاستغلال والتضحية بالآخر. يجب أن تتم تنشئة هذا الجيل من السيدات ليكون الجيل الذي يغير المعادلة ويكسر هذه السلسلة التي تكبلنا وتخنقنا. عندها سيتغير المجتمع للأفضل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

ولحسن الحظ أدركت كثير من السيدات الفضليات هذه الحقيقة وبدأن العمل لصنع التغيير عن طريق منظمات تتقدم كل يوم للأمام وعلى سبيل الذكر لا الحصر منبر المرأة الليبية من أجل السلام ومنظمة معا نبنيها وغيرها. وأريد هنا أن أتحدث بقليل من التفصيل عن منظمة معا نبنيها وما يميزها وهذه الكلمات القليلة لا تعطيها حقها.

ما يميز المنظمة هي النقاط التالية: تركيزها على لعب النساء مزيدا من الأدوار القيادية مما سيساهم في تغيير المجتمع كما ونوعا على المستوى القيادة والمشاركة والتضامن والتعاون
تركيزها على المشاكل المجتمعية المبنية على النوع ذكر وأنثى والتي يتم فيها عادة تحجيم دور الأنثى. والعمل على محاولة حلحلتها عن طريق جميع الشرائح العمرية والجيلية شابات صغيرات وسيدات ناضجات.

والتركيز على مشروع مساهمة المرأة في صنع السلام الذي تحتاجه البلد بشدة. والأهم أنها عن وعي تنأى بنفسها عن التجاذبات والانقسامات السياسية، مما يؤهلها لتكون قوة ناعمة وطنية همها مشروعها التنموي فقط. صحيح أن نتائج عملها هي وغيرها من المنظمات مازالت محدودة وغير ذات تأثير واضح فما تبلور من ثقافة خاطئة معقدة ومركبة على امتداد عقود يحتاج إلى سنوات من العمل لكي تُرى نتائج التغيير للأفضل، ومن ناحية أخرى مازالت الكثير من النساء لا تهتم بمواضيع المساواة في الحقوق ومشاركة النساء الفاعلة على مستوى القيادة وصنع القرار بمثل اهتمامها بمواضيع الحياة المادية اليومية التي أصبحت صعبة ومعقدة على الكثير.

لذلك على النسويات الواعيات الانضمام لمثل هذه المنظمات لتنظيم الصفوف وزيادة الحركة والزخم. فالمشروع الكبير مشروع صناعة جيل التغيير للأفضل يحتاج لتكاثف الجهود والكثير من العمل .