Atwasat

‏لا لعقد اتفاقيات أو معاهدات في هذه المرحلة السائلة

مالك أبوشهيوة الإثنين 11 نوفمبر 2019, 12:09 مساء
مالك أبوشهيوة

هذه دعوة موجهة للمسؤولين الليبيين في هذه المرحلة الهشة بعدم عقد اتفاقيات أو معاهدات، وخاصة في قضايا استراتيجية مثل الدفاع وقضية الهجرة غير الشرعية والتي يمكن أن تحمل ليبيا التزامات في المستقبل ويكون لها تداعيات سلبية على الوطن والمجتمع، فخلال المدة الماضية وهذا الأسبوع تتناقل وسائل الإعلام الإيطالية والعالمية تصريحات تظهر نية الحكومة الإيطالية مطالبة حكومة الوفاق بتعديل اتفاقية الهجرة غير الشرعية التي عقدت في فبراير 2017، وتعديل بعض بنودها لتتضمن بنوداً جديدة منها، حسبما ورد في تصريحات المسؤولين، إغلاق المراكز الموجودة لإيواء المهاجرين واستبدالها بمقار أخرى وتوفير ظروف مناسبة لإقامة المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا وتقوم وكالات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بإدارتها والإشراف عليها .

إن الهدف الرئيسي من هذا المشروع الأوروبي هو توطين الهجرة غير الشرعية من الأفارقة في ليبيا (وليس إيواء مؤقتا)، بل وإعدادهم ليكونوا مواطنين ليبيين والذين سيكونون بالملايين خلال السنوات القادمة كما يتوقع المتابعون والدارسون لهذا الموضوع، مما سيهدد الأمن الوطني والمجتمع ونسيجه الاجتماعي.

مساعدة ليبيا لا تكون بمشروع التوطين المشار إليه بل من خلال العمل على حماية حدود ليبيا الجنوبية التي تشكل الطريق الرئيسي لهذه الهجرة والعمل مع الليبيين على تنمية الجنوب الليبي وتطويره وجعله منطقة جاذبة لليبيين، وتقديم حل جذري لهذه المشكلة بمشروع يستهدف تنمية الدول الأفريقية. ليبيا ليست مسؤولة على هذه الهجرة وهي ليست بلد مصدر للهجرة فلماذا تتحمل تداعيات هذه الهجرة؟ الدول الأوروبية (الاستعمارية) هي السبب لهذه الهجرة غير الشرعية التي يشهدها العالم اليوم بل ستتعاظم في المستقبل وستكون هناك موجات هجرة جماعية تهدد ليبيا والدول المجاورة وأوروبا أيضا مالم تتخذ حلول جذرية في بلدان المصدر.

فالدول الأوروبية التي تغلغلت في أفريقيا حطمت الاكتفاء الذاتي الذي كان يعيش فيه المجتمع التقليدي دون بذور لتطور أفريقي مستقل، واستنزفت ثروات أفريقيا وحولتها إلى الدول الأوروبية بدلا من استثمارها في البلدان الأفريقية مما ساهم في رفع حركة النمو والتقدم في الدول الأوروبية وحرمت البلدان الأفريقية (مصدر الهجرة غير الشرعية) اليوم من جزء كبير من ثرواتها وكنتيجة لذلك فإن نمو هذه البلدان أصبح بطيئا ولا تتقدم إلا في حدود خدمة الاقتصاد الأوروبي وبهذا أقامت الدول الأوروبية نوعاً من الاقتصاد التابع ونوعا من تقسيم العمل الذي بموجبه تخصصت البلدان الأفريقية في إنتاج المواد الأولية اللازمة لمصلحة ولاحتياجات وظروف الدول الأوروبية وعملت على خلق طبقة حاكمة لها مصلحة في تدعيم الأوضاع المتخلفة التي مكنتها من السيطرة والهيمنة.

ولذلك على الدول الأوروبية أن تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية وتسعى لحل جذري لمشكلة الهجرة غير الشرعية وذلك بإيجاد مشروع شامل لتنمية البلدان الأفريقية من خلال مشروع شبيه بمشروع مارشال 1947 الذي من خلاله تمت إعادة تعمير الدول الأوروبية التي هدمتها الحرب العالمية الثانية، مشروع يستهدف كل المجالات الاقتصادية: الزراعه والصناعة وتنمية الثروة الحيوانية و بناء الإنسان الأفريقي من خلال التعليم والتدريب المهني الأمر الذي سيوفر الوظائف المتنوعة للأفارقة والرفع من المستوى المعيشي بالإضافة إلى تشجيع الدول الأفريقية على تبني نظم سياسية ديمقراطية تشجع وتسمح للمواطنين بالمشاركة في إدارة شؤونهم واتخاذ قراراتهم، بمثل هذا مشروع من الممكن حل مشكلة الهجرة غير الشرعية.