Atwasat

هما وأنا: توفيق وسامي

محمد إبراهيم الهاشمي الأربعاء 16 أكتوبر 2019, 04:19 مساء
محمد إبراهيم الهاشمي

سبتمبر 2014 امتلأت المحطات بخبر وفاة شابين ناشطين مجتمعيا، جميلين و في مقتبل العمر، في الثامنة عشر تقريبا، مناظرين يؤمنان بالحوار وخيرين يبذلان في سبيل وطن أحباه و آمنا به وبأهله ما يستطيعان بذله.

و لأن أخبار الموت والتصفية الجسدية كانت كثيرة وبالذات في بنغازي، مرت الفاجعة كما مرت فواجع قبلها وبعدها بسرعة، فكثرة الفواجع وخصوصا الموت والصدمات النفسية أحالتنا إلى شبه شلل على مستوى الإحساس والحركة. و لكن رغم حالات الاغتيال الكثيرة والموت، كان موت توفيق وسامي ألما كبيرا وجد طريقه إلى قلوبنا رغم أنها لم تعد تحتمل أي ألم. وكيف لا وفي وعينا الجمعي كمجتمع ليبي بشكل خاص، وفي وعي المجتمع الإنساني الكبير، يمثل موت الشاب الصغير ذكرا أو أنثى فاجعة ليس كمثلها فاجعة. فاجعة تمثل موت الحياة في أجمل صورها وازهاها، موت الخطوات الأولى الحقيقية التي يمشيها الإنسان، موت الفكر وقد بدأ يتبلور ويتقد ويشع ويُكوِّن عالمه الخاص، موت حياة كانت ستكون سعيدة، وبالتأكيد يتوقف استمرار عالمنا عليها

كانا حينها في بداية الثامنة عشر من عمر لم يُعطَ حقه وفُرصته في أن يُزهر، ولكن ثماره مازالت مستمرة وستظل، وكنت حينها في الثالثة والعشرين. كانا حالمين وفاعلين ومؤمنين بالثورة وبالشباب الصالح، وكنت حينها أنام على خيباتي يملأني السخط على ذات الناس الذين أدركت منذ أغسطس 2011 عندما لم يتركوا لا أخضرَ ولا يابسا في مؤسسات الدولة ومقراتها إلا وسرقوه أنهم لن يصنعوا لا دولة ولا نظاما. كانا صفحة بيضاء بدأت تكتب أول حروفها الخاصة من نور، وتمشي أولى خطواتها نحو تحقيق وطن حلُما و آمنا به وبأهله، وطن يعيش فيه الناس أحرارا وبخير.

أوقف أعداء الحياة حياتهما على هذه الأرض، و لكنهم لم يوقفوا لا نورهم ولا الطريق الذي آمنا به وسلكاه. الطريق الذي يؤدي إلى الوطن الذي نحلم به، حيث الناس أحرار وبخير.