Atwasat

«القرقني»، «أندريسكو».. شارع في كندا وقبر في ليبيا

أحلام المهدي الثلاثاء 01 أكتوبر 2019, 12:43 مساء
أحلام المهدي

تكبر أجسادنا فتشيخ وتكبر أحلامنا فلا يعرف لها الزمن طريقا، نغرسها في النجوم ونحاول ما استطعنا أن نداعبها بأطراف أصابعنا قبل أن نُحكِم عليها قبضاتنا، ينجح البعض ويفشل البعض الآخر ويبقى حلم الوصول متاحا لكل عقل طموح إذا باركت خطواتَه الأرضُ التي يعيش عليها.

الراقصون هناك مع النجوم يحملون معهم الكثير دائما، وطن وعَلَم ونشيد، ومكان يتسع لقلوب الملايين ممن يشاركونهم الانتماء وفرح الإنجاز.

تخلّد الأوطان أسماء المبدعين من أبنائها فتنحت قاماتهم السامقة في ساحاتها وتطلق أسماءهم على أكبر شوارعها وأشهر أزقتها وتغزو صورهم كل مكان فتحضنها جدران البيوت والمدارس بحب كبير.

هذا ما يحدث في العالم الذي يتغذى ويعيش على العلم والفن والرياضة والموسيقى وحب الحياة تحت أي بند، أما ما يحدث هنا في بلادنا المترنِّحة على حاشية العالم كأنها آلهة شرسة متعطشة للقرابين البشرية فهو مختلف تماما.

بلادنا لا تعلق في شوارعها إلا صور الراحلين والجلادين، ولا يلتف بعلمها إلا الأجساد الملطخة بالدم، ولا تؤمن بالتماثيل فتبتلعها الساحات حتى إذا كانت لغزالة!

في سبتمبر الماضي خبران كانت الولايات المتحدة الأميركية مسرحا لهما، الليبي "كمال القرقني" يتفوق على أبطال العالم ويحرز لقب مستر أولمبيا للمرة الأولى في تاريخ الرياضة الليبية، الكندية "بيانكا أندريسكو" تفوز ببطولة أميركا المفتوحة للتنس إحدى البطولات الأربع الكبرى للمرة الأولى في تاريخ هذه البطولات وفي تاريخ كندا.

أما بيانكا فقد أنصفها الشاب الوسيم "جاستن ترودو" واحتفت بها كندا والكنديون فحمل اسمَها شارعٌ في بلادها، أما كمال فقد خفقت له قلوب الليبيين لكن أحدا من "شيابين" الحكومتين والبرلمانين في البلاد لم ينصفه ولم يلتفت له بربع عين.

هناك من يعتبر هذه الرياضة مجرد عضلات وعنف رغم أن ممارسها لا يقوم حتى بلمس منافسيه، لنفرض أنها لا تشبه التنس فما يهمنا هنا هو أن القرقني مثل بيانكا تماما لم يظفر بهذا اللقب إلا بعد تدريب وتعب وصبر لا يتقنهم الكثيرون، ثم إن الأحلام تولد في كندا فتزدهر وتولد في ليبيا فتتبعثر ويعجز صاحبها حتى عن لملمة بعضها.

هذا البطل الليبي الذي عاش وكبر ونجح في ليبيا ممسوس بلعنة اسمها ليبيا، بنت تورنتو تملك شارعا في بلادها، أما ابن طرابلس فمحظوظ لو وجد مكانا له في طابور أمام بنك أو لسيارته أمام شيل في أحد شوارع مدينته.