Atwasat

ناقدون !؟

صالح الحاراتي الأحد 08 سبتمبر 2019, 07:26 مساء
صالح الحاراتي

فى معاجم اللغة نجد
نقَدَ يَنقُد ، نَقْدًا ، فهو ناقد ، والمفعول مَنْقود
نقَد الشّيءَ : بيَّن حسنَه ورديئه ، أظهر عيوبه ومحاسنه

والنقد هو تعبير مكتوب أو منطوق من متخصّص يسمى ناقدًا، عن الجَيِّد والرديء في أفعال أو إبداعات أو قرارات يتخذها الإنسان أو مجموعة من البشر في مختلِف المجالات من وجهة نظر الناقد. كما يذكر مكامن القوة ومكامن الضعف فيها، وقد يقترح أحيانا الحلول.

فالانتقاد يفترض انه يعني إبراز جوانب الاستحسان والنقص على السواء وأن كلمة (انتقاد) لا تعني إحصاء العيوب وحدها ، ويجب على الناقد أن يبذل الجهد اللازم فى سبيل فهم ودراسة ما هو مقدم على نقده، وأن لا يتكلم أبداً إن لم يتحصَّل على معلومات وافرة وغير مجتزأة.

ولكن هناك من لا يستخدم الا اسلوب الهجوم فقط للتقليل من الآخرين ، ناظرا صاحبه للسلبيات فقط ومتجاهلا الإيجابيات ، ومستخدما العاطفة والانفعال فقط للحكم على الأمور ولا يحكم عقله ، ويحاول دائما ً الانتصار لأرائه ويرى الآراء الأخرى كلها خاطئة ، ويبقى هدفه الرئيسي التقليل من الآخرين والانتقام منهم لأغراض شخصية 

هذه اضاءة عابرة للنقد ، ولننظر الى حال وانواع الناقدين .. ولتكن البداية من الناقد البرىء الذى يعانى الاوضاع المعيشية الصعبة ، وفى تقديرى ان سخطه وانتقاده ما هو الا تنفيس عن كربته ، وهذه اظنها حالة اغلبية المدونين على مواقع التواصل الاجتماعى بشكل عام ومجرد ان تخف حدة المعاناة التى يعيشها يعود تدوينه الى التناول الطبيعى فيقدم شيئا من المعلومات وبعض القفشات وهكذا .. وذلك امر طبيعى ولا حرج على صاحبه  

هناك نوع اخر يمكن ان يكون ممن يقال له "ابو العريف" وهو الذى يفتى فى كل امر من الفلك الى الرياضيات الى الكيمياء والهندسة والطب واخيرا فى السياسة وهو نوع اخر لا حرج عليه ايضا رغم انه "دراه كبد" ولكن لا بأس فاحيانا قد تأتى الحكمة من المجنون

ثم نأتي لصنف اخر هو"احادى الفكر" الذى يتبنى مقولة فرعون "لا اريكم الا ما ارى" و"عنز ولو طارت " واظن ان هذا النوع واضح المعالم ولا يحتاج للكثير من التوصيف وعندى حتى هذا الصنف مقبول تواجده لاننى اكاد اجزم بأنه مكشوف النوايا ولا مستقبل له

نأتى بعد ذلك لنموذج اخر من النقاد وهو  الذى تنطبق عليه الحالة النفسية التى وصفها د مصطفى حجازى فى كتابه سيكولوجية الانسان المقهور عندما اشار الى حالة نفسية وصفها ب " ديمومة كراهية السلطة " لمن عاش طويلا تحت الاستبداد فيستمر فى انتقاده حتى بزوال السلطة القاهرة .

الصنف الاخر والجدير بكشف نواياه هو "اللئيم الماكر" ذلك الناقد الذى يمارس الابتزاز السياسي ولا يتوانى عن تضخيم المشاكل واللجوء الى تزييف الواقع ، والى السباب والشتائم وشخصنة الازمة والحقيقة انه لا يضيف جديد ولكنه يقدم نفسه على انه النزيه والوطنى الوحيد وانه الحل .. انه الابتزاز بعينه حيث هذا الصنف قد يبقى زمنا طويلا فى بيات شتوى ولا نسمع له ركزا ولكن عندما يرى ان الواقع والمشهد مضطرب فيظن ان الحالة مناسبة للابتزاز فيدب فيه النشاط وتتهاطل التدوينات ويبدأ مهمته فى تصيد الاخطاء والبكائيات والطعن وتسود كلماته مفردات التخوين والهمز واللمز مع الظهور المكثف على الفضائيات ...الخ 

والغاية فى تقديرى ليست النقد الايجابى والمصلحة العامة ولكن بتلك الوسيلة لعله " يتحصل على منصب او كما يقال بالعامية للحصول على (عظمة يقرقدها)  

واخيرا اتذكر ما كتبه د. عادل عزيز يوما ما حين قال فى وصف بعض النقاد:
صاحب عقلية المتربص، الذى لايبحث عن شيء غير النقائص، ويفترض الفشل بدون المحاولة.. وتلك أحد الحروب الحقيقية التي يجب أن نخوضها.