Atwasat

إلى حكومات البؤس.. تحية «يائسة» وبعد

أبوبكر ناصر الحاسي الأربعاء 21 أغسطس 2019, 03:49 مساء
أبوبكر ناصر الحاسي

حكومات البؤس.. بدايةً لا أخفي عليكم أني كتبت لكم هذه الكلمات بمشاعر ملؤها الغضب والاشمئزاز والنكسة.. أكتبها وأنا أشعر بقشعريرة مزعجة وغصة.. كما أعترف لكم مع حفظ ألقابكم، أني كتبت هذه الكلمات عمداً بلغة أدبية لا أدعي إتقانها أو الالتزام بها.. لغة أدبية تخلو من كل أنفاس الأدب والحياء على أمل أن تسهل عليكم عملية فهمها واستيعابها.

أما بعد:
حكومات البؤس، إن الشعب خلال هذه السنين بسببكم يعيش في أوضاع أقل ما يمكن القول عنها إنها مزرية.. شرائح واسعة من المجتمع في فقر مدقع غارقة.. السلع الاستهلاكية أضحت أسعارها غالية.. البنى من إهمالكم للسقوط آيلة.. المؤسسات في نفق مظلم سائرة.. المصارف من العملة مفلسة وحائرة.. الأدوية مفقودة والمستشفيات متهاوية.. الخدمات العامة كتوفير الماء والكهرباء تكاد تكون شبه معدومة.. أكوام القمامة في كل الشوارع والأزقة مرصوصة.. الأسلحة بفعل استهتاركم مدسوسة.. والقضاء من سنين في حالةٍ منها ميؤوسة.. والمواطن حياته بالشقاء موسومة. إن بلادنا بسببكم صارت منكوبة.. والموت في أيديكم بات أُلعوبة .. والصدق في وعودكم ظل أُكذوبة.

كنا نريد بناء دولة عصرية مدنية وديمقراطية تسيرها مؤسسات قوية ويحكمها دستور صارم .. وهذا ما لم يتم في عهدكم.

كنا نتطلع لدولة الرفاه التي تعمل على تحقيق الازدهار والاستقرار وتوفير نطاق واسع من الخدمات الاجتماعية، كالتحرر من الخوف والتحرر من الحاجة.. وهذا ما لم يتم في عهدكم.

كنا نرنو إلى دولة الحريات التي تتكفل بحماية حرية الرأي والتعبير، وحرية الفكر والتفكير، وحرية التنقل والسفر، وحرية الضمير.. وهذا ما لم يتم في عهدكم.

كنا نأمل القضاء على العوز، والمرض، والجهل، والفساد السياسي، والبطالة.. وهذا ما لم يتم في عهدكم.

كنا نحلم بأن تحل المشكلة الأساسية في هذه البلاد ألا وهي خلق مؤسسات اجتماعية واقتصادية وسياسية مميزة فعالة.. وهذا ما لم يتم في عهدكم.

كنا نرجو أن يكون وطننا في مصاف الدول المتقدمة في الاقتصاد والتعليم والصحة والدفاع والثقافة والبنية التحتية والسياحة.. وهذا ما لم يتم في عهدكم. 

حكومات البؤس، قولوا لنا: ماذا أنجزتم في عهدكم؟
في عهدكم صار الموت لعبةً يحلم بها المراهقون. 
في عهدكم صار اليأس قريناً يلازم كل الطموحين. 
في عهدكم صار العبث هوايةً يستمتع بها السياسيون. 
في عهدكم صار الفقر سوساً ينخر كل المواطنين. 
في عهدكم صار الدين وسيلةً يتشدق بها المنافقون. 
في عهدكم صار المستقبل ظلاماً يسكن كل المبصرين.

في عهدكم أصبحت بلادنا حلبة للمصارعة كتلك التي كانت في عهد الروم.. حلبة أنتم مصارعوها والعالم يشجعكم وينتظر من سيفوز.

كل هذا حدث في عهدكم، وإن شئتم فإن اللائحة لاتزال طويلة.. لذا ألن تتوقفوا عند هذا الحد من البؤس؟!

حتى الكلمات لم تسلم من عبثكم.. قلبتم المعاني واستبدلتم المفاهيم.. تيار إسلامي يدعي أنه يمثل الدولة المدنية ويدافع عنها، وهو يعي أن هذه الأخيرة تقوم على أساس الفصل التام بين السياسة والدين؛ وحكومة سميت بالمؤقتة - لأن فترة عملها كانت محددة لمدة شهرين- أصحبت دائمة وامتد عملها لخمس سنين.. أي للحظة كتابة هذه الكلمات؛ وحكومة سميت بحكومة الإنقاذ كي تنتشل الدولة من مسار الغرق في الانقسامات، وهى من سارت بها في اتجاه دوامة الفوضى والأزمات؛ وحكومة سميت «حكومة الوفاق» التي جاءت من أجل أن تعمل على تحقيق التوافق والانسجام بين مختلف المتصارعين، أصبح عملها هو تعزيز الخلاف والتباين أمام مرأى الملاحظين.

حكومات البؤس.. زاولوا ألعابكم المفضلة الأخرى وكفوا عن المفاهيم أيديكم.. أحلام وطموحات وتطلعات الشعب المبعثرة ألم تكفكم؟!

ألم تملوا! .. ألم تسأموا! .. ألم تكتفوا! .. ألن تخجلوا بعد كل هذا؟!

ختاماً، وددت أن أقول لكم: ارحلوا فقد أضجرتمونا أنتم وأتباعكم بغوغائيتكم، وأنهكتمونا أنتم وسياساتكم بعبثكم، ودمرتمونا بفسادكم وانتهازيتكم.. أيا حكومات البؤس قنطنا منكم ومن غبائكم وسذاجتكم. تباً لعهدكم هذا، ومئة تباً وتباً لكم. 
وفي السلام ختام.