Atwasat

في انتظار الطائف!

أحمد الفيتوري الثلاثاء 20 أغسطس 2019, 12:49 مساء
أحمد الفيتوري

1-
عاش الليبيون منذ عام 1977م، في مؤتمر شعبي تلو مؤتمر، حتى قيام ثورة فبراير 2011م، حيث بدأت المؤتمرات الدولية، مؤتمر ينطح مؤتمر، ملتقيات واجتماعات تتوالد، وجلسات لمجلس الأمن، فالاتحاد الأوربي، والإفريقي، والإسلامي، والجامعة العربية، ودول الجوار، واللقاءات الثنائية، لا تنقطع حول المسألة الليبية، وطبعا الأخوة الليبيون علقوا في لقاءات، في عواصم بعيدة وقريبة، وغاصت فنادق بهم، خاصة أسماء معينة منهم، لا أعتقد أنها غادرت فندق إلا إلى فندق أخر... ومن لقاء تشاوري إلى لقاء غير تشاوري، أما الأقمار الاصطناعية، فأظن أنها أخيرا، باتت تتحدث باللهجة الليبية، بعد أن كانت تنقل صوتا واحدا أحدا، صوت القائد الأممي القذافي!.

العالم متفرغ لليبيا، بعد أن كان إذا ذُكرت ليبيا، ظن أن هناك خطأ في النطق، وأن المقصود لبنان، أما الليبيون أنفسهم، فقد تفرغوا للمسألة الليبية، ولكل منهم نظرية في ذلك، كمثل نظرية القذافي الثالثة. وأعتقد أن الليبيين لم يلتقوا معا، ولم يهتموا بالمسألة الليبية، كما هم الآن، وهم لأجل ذلك يتحاورون بكل الوسائل والسبل، بالسلاح المتطور، الذي تجربه الدول المانحة من خلالهم، إلى الاجتماع، في قاعات في عواصم، لم يخطر ببال أحدهم، أن تكون مقرات للقاء ليبي ليبي، أو كما يقال.

لقد بزّ الليبيون أخوتهم في الربيع العربي، في اللغو والكلام، وفي عقد الملتقيات المحلية والإقليمية والدولية، حول مسألتهم، كما بزوهم بالتمترس بالبلاد في البلاد، بل أن ليبيا أضحت بلادا تغص بالمهاجرين، وأن فاشيي أوروبا، عملوا على أن تكون المأوى، لمن لا يريدون من المهاجرين، أي سقط المتاع.

وتحقق لليبيين إجماع إقليمي ودولي، كما لم يتحقق لغيرهم، معززا بقرارات منع السلاح، وبأن الحلّ ليس عسكريا. وجعلوا لليبيا رجلا واحدا أبديا: الصديق الكبير، يدير شأنها المالي والاقتصادي، منذ قرار مجلس الأمن 1973 الصادر في مارس 2011م، وبدعم أمريكي تعززه طائرات في السماء، وقوات على الأرض، ورجال أمن من FBI ، بل أنشأوا كتيبة ليبية خاصة مقرها طرابلس، بدواعي محاربة الإرهاب، تتلقى الأوامر من قائد الأفريكوم... وذلكم لاعتبار أن الولايات المتحدة، وإدارة ترامب خاصة، غير مهتمة بالشأن الليبي!!.

وهذا الزخم الذي زخرت به ليبيا، في ليبيا زخرت به مدينة مصراته، ما تكرر ذكرها خلال هذه السنوات، أكثر من أي مدينة ليبية، فبدأت وكأنها المسألة الليبية، وفي هذه اللحظات تذكر الأخبار، أن هناك لقاءات بين قادة مصراته وقادة من الجيش الليبي، وتتناقل ذلك المحطات، وتناقش المسألة باعتبارها تحولا، في اللحظة الراهنة العسكرية البحتة.

لقد قُلبت الحرب الأهلية الليبية، على كل وجه، وتمت مناقشة تفاصيل تفاصيلها جملة، وعلى جميع المستويات، واتخذت قرارات، وصدرت بيانات، أكثر من الهمّ على القلب، وبقي الحلّ اللا حلّ، وقد جاء مندوب سامٍ أممي، خلف مندوب، وكل منهم اتُهمَ بالانحياز واللا جدوى، وكل منهم سبح، في بحر الرمال الليبي، حتى غرق، لكن بالنواجذ، أمسك بالحلّ الأممي، المسكوت عنه: اللا حلّ، وكل منهم فلح، في مهمته الحقيقية، وفي أدائها كممثل، ليس كمثله أحد.


2-
الآن... الكثير من الليبيين، قِبلتُهم الخرطوم، مُعطين بالظهر للجزائر، متمنين أن يُنزل الله عليهم، المنّ والسلوى السوداني، غير أن المحبطين منهم، شككوا في نجاح ذلك في ليبيا، فالسودان تملك (الطيب صالح)، وفنونها التشكيلية راقية. وبالنسبة لي، لفت نظري ما كتبه السفير الأمريكي السابق بالجزائر، حيث ختم ما كتب، حول المسألة الجزائرية، بالمثل العربي: في العجلة الندامة.

ولأن لا عجلة عندي، فقد لجأت إلى الذاكرة، هربا من الندامة، فاستعدت حكمة، تمثلت في جملة تلفزيونية شهيرة، كنتُ رددتها في مقتبل العمر، وأول عملي الصحفي، كان (حسني البورظان)، الذي لعب دوره، الفنان الراحل نهاد قلعي، في مسلسل "صح النوم"، يريد أن يكتب، مقالة سياسية، لم يتجاوز فيها، جملته الشهيرة: "إذا أردنا أن نعرف ماذا يحدث في البرازيل، علينا أن نعرف ماذا يحدث في ايطاليا"...).

سأتهرب من المعضلة، بطريقة (حسني البورظان)، لأكتب جملتي التحريفية، بالقول: أذا أردنا أن نعرف ماذا يحدث في ليبيا اليوم، علينا أن نعرف، ماذا حدث في لبنان الأمس.
والعاقبة عندكم في المسرات...