Atwasat

"طعام صلاة حب".. حياة بنيت على ثلاثة

أحلام المهدي الأربعاء 24 يوليو 2019, 12:44 مساء
أحلام المهدي

"إن تكريس النفس لإنتاج الجمال والاستمتاع به من شأنه أن يكون عملا جديا وهو ليس وسيلة للهرب من الواقع بالضرورة، بل يمثل أحيانا وسيلة للتمسك بما هو حقيقي في عالم ينهار فيه كل شيء"...

إن هذا العالم الذي ينهار فيه كل شيء هو ما جعل الأميركية "إليزابيث جيلبيرت" تكتب مذكراتها في رواية صدرت عام 2006 وتحولت فيما بعد إلى فيلم سينمائي ناجح بعد احتلالها لقائمة نيويورك تايمز لأكثر الكتب مبيعا حتى بداية 2009، كانت الرواية سيرة "امرأة تبحث عن كل شيء" في رحلة حول العالم تاهت فيها البطلة روحيا وجسديا ونفسيا، ما جعلها لا تكتفي بالانفصال عن زوجها وترك حياتها المثالية كما تبدو في الولايات المتحدة فغادرت إلى أقصى الأرض بحثا عن ضالتها.

طعام. صلاة. حب، لماذا هذا الثلاثي الذي قد يبدو متناقضا؟ وماذا يعني كل منهما للإنسان؟

إلى إيطاليا كانت رحلة "ليز" بطلة الرواية بعد انفصالها عن زوجها فكانت لذة الطعام الإيطالي علاجا لبضعة من روحها وجسدها فاستمتعت به كما يجب وهي التي قالت: "علاج القلب المفطور الكثير من النوم الكثير من الماء وفيتامينE، السفر إلى مكان بعيد عن المحبوب، التأمل وتعليم القلب أن هذا هو القدر".

لتتوجه بعدها إلى الهند حيث أقامت في إحدى دور العبادة ومارست طقوسا لم تعرفها قط سعيا منها لملء فراغ شاسع كان يؤذيها "نحن كبشر نقوم بالطقوس الروحانية لإيجاد مكان آمن ترتاح فيه أحاسيسنا الأكثر تعقيدا للفرح أو الحزن"، هي راحة من نوع خاص إذا ما سعت إليه ليز، بعيدا عن نظرة الناس لها وبعيدا عن فضولهم فقضت شهورا في التأمل والخشوع لآلهة لم تحددها ولم تعرف عنها شيئا.

أما في بالي الإندونيسية فقد توجت ليز التغيير الجذري الذي شهدته حياتها بالحب الذي كان نتيجة حتمية للاستقرار النفسي والروحي الذي عاشته في رحلتها الطويلة "هل أصبحتُ الآن مستقرة بما يكفي لأكون مركز حياة شخص آخر؟"

أجاب الزمن عن هذا السؤال وأوصلتها رحلتها الطويلة والمرهقة إلى حيث تريد فكانت الجنة "بالي" مسرحا لمشاعر سمت بروح ليز العاشقة إلى أبعد نقطة في دهاليز قلبها وروحها.

أما عن الفيلم فإن من يقرأ "طعام صلاة حب" الكتاب لن يكون قادرا على تخيل بطلته بغير الجمال المغاير للنجمة جوليا روبرتس وقدرتها الكبيرة على التعبير عن كل شيء بكل ذرة من جسدها وروحها لتصل الأفكار مباشرة لنا بنظرة سريعة أو إيماءة بسيطة، وكان النجم الإسباني خافيير باردم موفقا أيضا في أن يشكل مع روبرتس ثنائيا ليس مثاليا بقدر ما هو جميل وسعيد.

إنتاج الجمال والاستمتاع به إذا هو بيت القصيد في عالم ينهار فيه كل شيء، "طعام صلاة حب" ثلاثة قد تبني حياة سعيدة عندما تكون مجتمعة، أما أن تغالي في الأولى والثانية وتهجر الثالثة فلن تجني إلا السمنة والتطرف!!