كثيرا ما نسمع هذه الكلمة تقال احتجاجا وتفسيرا لسلوك سيء بدر من شخص ما. وكأن العقل الباطن لقائلها يؤمن بأن الدافع لهذا السلوك المخجل هو كون هذا الشخص عربي الأصل..!! وأن هذه التصرفات لا تصدر سوى من "العرب"..!! وأن الله لو من عليه بأصل غير ذلك لما قام بها..؟... ولا يخفى على عاقل ما في هذا القول من مغالطات رهيبة..

أولاً...

العروبة لم تعد أصلا وإنما ثقافة ولغة.... فمعظم الناطقين بالعربية ترجع جذورهم وأصولهم إلى شعوب وقبائل غير عربية.. العروبة هي نتاج لانتشار الحضارة الإسلامية التي جمعت وصهرت شعوبا عديدة شأنها في ذلك شأن كل الحضارات الإنسانية.

ثانياً ...
لا توجد على الأرض ولا بالتاريخ جماعة بشرية تتصرف بشكل مماثل أو متطابق فكل الجماعات البشرية بها تنوعات لا تحصي من البشر والسلوكيات وإلا لما قامت بداخلها اختلافات وصراعات ولانحصرت السلوكيات السيئة بها دون غيرها... وبالتالي فهذا التعميم مجحف وظالم بحق العرب أو أي جماعة أخرى يتم إطلاق التعميمات عليها...

ثالثاً...
السلوك الفردي هو نتاج منظومة تربوية وثقافية ويخضع لمتغيرات لا حصر لها ابتداء من وعي الفرد وفهمه لمصالحه وحقوقه وواجباته، وانتهاء بالمرحلة العمرية والحالة النفسية التي يمر بها.. فسلوكك وأنت غاضب غير سلوكك وأنت سعيد.. وسلوكك بمفردك غير سلوكك وأنت محصن بجماعتك.. وسلوكك وأنت مراهق يختلف عن ذاك وأنت في أرذل العمر.. وسلوكك وأنت مضطرب وخائف يختلف اختلافا جذريا عن سلوكك وأنت آمن وواثق.. وبالتالي.. فإن إرجاع سلوك الفرد السيء إلى أمر واحد.. هو كونه "عربيا" أو "مسلما" أو "يهوديا" أو "أفريقيا" أو "أمازيغيا"... إلخ... هو مغالطة تجافي المنطق والعدل والتاريخ... والحياة.

رابعاَ...
إن هذه التعميمات هي وليدة الصراعات التي مرت بها المنطقة حيث ينتشر وقت "الأزمات" تصنيف الجماعات وشيطنتها ونزع الإنسانية عنها حتى يسهل إنزال أكبر الأذى بها.. ولكن هذه التصنيفات تخضع للمصالح وتتبدل بتبدلها...
فالألماني على سبيل المثال كان يمثل مصدرا للشر في المخيلة البشرية لعقود.. والآن هو مثال للانضباط والكفاءة العالية والروح المدنية... وبالتالي ستزول هذه التعميمات بزوال الدوافع وراءها فهي ليست حقائق مطلقة أو أزلية.

أخيراً.... ثمة ما هو جدير بالاهتمام... في الكثير من الأحيان يكون قائل عبارة "عربي..!!".. يُعرف نفسه ويقدم نفسه للآخرين كعربي.... فما الذي يود أن يقوله لنفسه عن نفسه..؟ وما الصورة التي يحملها في داخله عن قومه وأهله... وكيف يريد من الآخرين أن يروه.. ويعاملوه.. هل يريد منهم أن ينظروا إليه ثم يقولوا في السر والعلن... عربي يا سي...!!!