Atwasat

النقاط الخمس والمعالجات الناعمة

محمد عقيلة العمامي الثلاثاء 18 يونيو 2019, 12:13 مساء
محمد عقيلة العمامي

حرب الثلاثين عاما مزقت أوروبا ما بين عامي 1618 و1648، كانت بداياتها صراعا دينيا رهيبا بين الكاثوليك والبروتستانت، لدرجة أن الطرفين استعانا بمرتزقة، فنهبت و تدمرت مناطق بالكامل. خلال هذه الحرب انخفض عدد سكان ألمانيا إلى 30%، فلقد دمَّر الجيش السويدي وحده 2000 قلعة و 18000 قرية و 1500 مدينة في ألمانيا، أي ثلث عدد جميع المدن الألمانية. لقد خسرت مناطق الحروب حوالي 30% من ذكورها، فما كان من ألمانيا إلاّ أن عالجت الأمر، بإجراءات عملية خالفت معتقدهم الديني، وتحت عنوان "إعادة تنظيم ألمانيا ما بين 1648- 1715"جاء في موسوعة "قصة الحضارة" الآتي: 

"هبطت حرب الثلاثين بسكان ألمانيا من عشرين مليونا إلى ثلاثة عشر ونصف مليون، وبعد عام أفاقت التربة التي روتها دماء البشر، ولكنها ظلت تنتظر مجيء الرجال. وكان هناك وفرة في النساء وندرة في الرجال. وعالج الأمراء الظافرون هذه الأزمة البيولوجية بالعودة إلى تعدد الزوجات كما ورد في العهد القديم. ففي مؤتمر (فرنكونيا) المنعقد في فبراير 1650 بمدينة (نورنبيرغ) اتخذوا القرار الآتي:- "لا يقبل في الأديار الرجال دون الستين... – يعني منع الرهبنة - وعلى القساوسة ومساعديهم (إذا لم يكونوا قد رسموا)، وكهنة المؤسسات الدينية، أن يتزوجوا... ويسمح لكل ذكر بأن يتزوج زوجتين، ويذكر كل رجل تذكيراً جدياً، وينبه مراراً من منبر الكنيسة، إلى التصرف على هذا النحو في هذه المسألة".

البشر يخطئون ولكن بسبب ما وهبهم الله من عقل يصلحون أخطاءهم، والحيوانات، التي لم توهب عقولا، لا تخطئ! فهي لا تقتل إلاّ عندما تنفذ ما خلقها الله به، لا تفترس السباع إلاّ لتنفيذ ضرورة بيولوجية. إن توازنها البيئي لم يختل إلاّ بتدخل "العقلاء" من البشر. 

لا أنوي الربط ما بين الحل الألماني! وبين ما يحدث في ليبيا على الرغم من سيطرة "النبوة" التي خرج بها علينا السيد رئيس المجلس الانتقالي في خطاب التحرير مبشرا بالزواج بأربع نساء. فلقد بدا لي وكأنه يعرف مسبقا حجم الفقد في ذكورنا من بعد ثماني سنوات من خطابه العجيب!

الحقيقة أنني أنوي إلقاء ضوء على كيفية معالجة "الأنواع" الأخرى من البشر لمشاكلهم، إنهم غالبا ما يطالعونا بحلول منطقية وبسيطة، ولكن ذكورية مجتمعنا ترفضها في العلن وتطبقها في الخفاء، خصوصا تلك التي تتناول علاقة الذكر بالأنثى أو العكس. "البعض" يصفها علنا بالانحلال ويطبقها في السر، والبعض الآخر "يهز رأسه" ولا تعرف أن كان هذا الهز يعني قبوله أو رفضه. 

" kathleen mccoy" كاتبة أمريكية كتبت منذ أكثر من نصف قرن مقالة لو أنها ترجمت في الخمسينيات مثلا، لاتهم من ترجمها بالزندقة، وإفساد الأخلاق الحميدة! ولا أستغرب إن كتبت هذه الأيام في صحفنا لاتهم كاتبها بإفساد الأخلاق! بل ولو ترجمتها حرفيا لاتهمت أنا بنشر الأفكار الهدامة! تقول الكاتبة:

"سألتني صديقتي وهي معلمة: (كيف يمكننا أنا وزوجي أن يحب أحدنا الآخر كثيرا.. في حين أن حياتنا الجنسية عادية!)" هذا السؤال جعل هذه الإخصائية في شئون العلاقات الزوجية تكتب تقريرا مطولا يحدد خمسة أسرار زوجية، ألخصها لكم – خشية على رأسي- في أضيق نطاق. مع العلم أن ما كتبته هو ما أكدته الآلاف من الزوجات! ألخص لكم هذه الأسرار الخمسة في الآتي : 

(أولا: العلاقات الزوجية الناجحة بالنسبة للمرأة ليست مقتصرة على غرفة النوم فقط، ولكنها تبتدئ من حسن معاملتها باللين والحنان والرقة منذ قيامها وحتى وقت نومها. ثانيا: أن الزوجة تقلق أيضا، من عدم حسن تفاعلها مع زوجها. وثالثا: أن الحوار والأخذ والرد فيه مهم للغاية في حياتهما اليومية بعيدا عن غرفة النوم. ورابعا: حسن المعاملة من بعد النوم أمر غاية في الأهمية. وخامسا: أن الزوجة تحتاج على الدوام لحاجة الزوج أو لعدم حاجته إلى لمسات رقيقة حانية). 

لو أسهبت في توضيح هذه النقاط الخمس بمثل ما كتبتها الدكتورة المتخصصة، لانتهي أمري كمواطن صالح وأصبحت طالحا بامتياز. لأننا في الواقع نقيس الأمور من منظور ذكوري جدا حتى لا نفسد أخلاق النصف الآخر.. غير أن أعناقنا تشرئب نحو أنصاف الآخرين. الأمر، باختصار شديد، نحن لا نواجه أنفسنا ونعالجها في ضوء النهار وإنما نلتف عليها وغالبا ما تكون النتائج كارثية. والموضوع لا يسمح مطلقا بالتوضيح وإلاّ وجب عليَّ القصاص حتى على القارئ أيضا .