Atwasat

البقر

محمد عقيلة العمامي الإثنين 20 مايو 2019, 11:54 صباحا
محمد عقيلة العمامي

البقرة مصنع غذاء متكامل، تدر من 20 إلى 25 لترا من الحليب يوميا! بل من الأبقار ما يدر حتى 100 لتر من الحليب يوميا. ولكن البقرة سيدة حساسة جدا.. فقد لا تدر كوبا واحد إن كانت مستاءة من الحظيرة أو أنها لا تحب من يقوم بحلبها! الأبحاث والتجارب أثبتت أنها حيوان يلّحُ في صداقة الإنسان، فإن عوملت برفق وحنية فإنها تدر لبنا غزيرا. وإن استاءت فلا تدر كوبا واحدا. 

باحث يحكي عن بقرة أخذت تدر 60% أكثر مما اعتادت أن تنتجه من بعد أن تولاها من اعتنى بها وعاملها بالرفق والحنية كلها! ولقد قل إنتاج مزرعة تنتج الألبان بصورة ملحوظة ما إن استخدم عاملا ، اكتشفوا أنه كان يعامل الأبقار بازدراء وصل حتى الركل! وما إن حل محله عامل آخر عامل الأبقار معاملة حسنة حتى زاد إنتاجها بمعدل خمس لترات. 

الأبحاث والمراقبة أثبتت أن لكل قطيع من الأبقار ملكة! تتوج بقدرتها في سباق الوصول إلى الطعام، فتعامل بمنتهى الاحترام من قبل بقية الأبقار، وهناك تراتبية في دخول الملكة إلى الحظيرة أو الخروج منها، كأن تفسح لها الطريق، حتى إن وصلت الأبقار قبلها لا تدخل أو تخرج من الحظيرة إلا بعدها مباشرة. يقول باحث أنه شاهد قطيعا من الأبقار وصل الحظيرة قبل الملكة، ولكنه وقف في مواجهة باب الحظيرة حتى وصلت الملكة ودخلت وتبعتها حوالي عشرون بقرة هن وصيفاتها! ثم دخل بقية القطيع. 
لا شك أنكم وقفتم مثلي وتدبرتم، مثلي، كثيرا، وقارنتم حالنا بهذا الحيوان الذي لم يخطر على بالكم أبدا أنه رومانسي إلى هذا الحد.

فهاهو العلم يكتشف أن الحنية والمعاملة الحسنة تجعل البقر يمنح أكثر، وبالمقابل يقل هذ المنح إن قل الحنان والمعاملة الحسنة، وتداعت أمامي صورة الدعاية الإعلامية التي تبرز أولئك الذين يعزفون مقطوعة "فيفالدي" الخالدة: الفصل الرابع، لبقرة هولندية هي أساس زبدة (لورباك) التي لا تحلو "عصيدة النفساء" بدونها. وتذكرت أن العلم اكتشف أن الأبقار التي تنام على موسيقى هادئة تدر حليبا أكثر. 

حالنا لا يختلف عن حال البقر، وإن كانت المعلومات عن الثور شحيحة أو قل أن ما هو متوفر عن البقرة فقط!. وفي العموم البقرة والأرجح حتى الثور، يثق بمن يعامله جيدا ويتجنب من يسئ معاملته. وتوضح دراسة دنماركية أنه يكفى أن تضرب البقرة على مؤخرتها حتى تعتاد على من ضربها! وأكد بحث نشر في مجلة (العلوم التطبيقية لسلوك الحيوان) الدولية أن الأبقار تتعرف أيضا على الألوان وترتاح للون الأزرق - وليس الأخضر - الذى يرتديه الرعاة الذين يهتمون أو لا يهتمون بها.

أما أعجب المعلومات وأكثرها أهمية للبقر كافة الحفاظ على اللسان! لأنه وسيلة هذا الحيوان في تطهير فمها وجلدها أيضا من الميكروبات التي تتسلل إليها مسببة الأمراض فيقوم اللسان بتطهيره. وأن هذا اللسان أقوى من أي مطهر حتى من (ديتول الأصلي)! واكتشفوا أيضا أن البقع السوداء على جلود بعض أنواع الأبقار تعتبر كالبصمة، فلا تمتلك بقرتان نفس البقع نفسها. وأكدوا أيضا أن البقر حيوان عاقل وهو أذكى من الكلب خصوصا في الطاعة! 

سلوك الحيوانات كافة أمر رباني، جعلها الخالق لخير هذه الحيوانات، فهذا السلوك هو في الواقع وسيلتها في التعبير عن احتياجاتها البيولوجية والنفسية. ولكن قد يقوم الإنسان، الذي وهبه الله العقل والنطق باعتبار أنهما وسيلته في التعبير عن احتياجاته، بسلوك ما يلغى ما وهبه الله له من عقل وحكمة ويفضل أن يختار الوسيلة الحيوانية. 

كثيرون هم من وظفوا مصطلح سلوك القطيع للتعبير عن حالة تشابه فيها الإنسان بالحيوان. ولكن يبدو أننا نحتاج لتوظيف سلوك الإنسان للتعبير عن حالة تشابه الحيوان بالإنسان.