Atwasat

رفقًا بالدواعش فما لدينا أبشع!

ميلاد عمر المزوغي الأربعاء 13 مارس 2019, 02:29 مساء
ميلاد عمر المزوغي

جميعنا حكام ومحكومون، مثقفون وبسطاء، متدينون وعلمانيون، صببنا جام غضبنا على فئة لا نختلف جميعنا على أنها ضلت الطريق، تغاضينا عن سبق إصرار وترصد عن الجهة أو الجهات التي أضلت هذه الفئة، فهناك مَن هم أبشع من الدواعش بمختلف تصنيفاتهم على الرغم من أعمالهم الإجرامية التي يخجل الشيطان من فعلها، فهناك ولا شك مَن يدعمون هؤلاء للقيام بأعمالهم الهمجية، إنهم البرلمانيون الذين انتخبناهم أيضًا عن سبق إصرار وترصد، نعرف أنهم ليسوا أهلًا للمسؤولية ولكننا أتينا بهم إما لمحاباة أو لسد فراغ في كيان «البرلمان» الذي وُلد خديجًا، ولم يكتمل نموه، فوضعناه في أيدٍ ليست أمينة، غالبية هؤلاء المنتخبين إلا مَن رحم ربي فاسدون، مرتشون، همهم الأول والأخير هو الإثراء المادي في أقرب وقت ممكن، آخرون يدعون الثورية وحرصهم على البلد، لا يزالون يمتشقون السلاح ليس لأجل الدفاع عن الوطن مما يتربص به، بل لأجل أن يفرض رأيه بقوة السلاح، وبالتالي يتمكن هؤلاء من تمرير ما يريدون من قوانين تحدُّ من حرية الآخرين.

بحجة حماية الثورة، صدرت القوانين التي تفسح لهؤلاء المجال لارتكاب ما يشاءون وبقوة القانون، فاُعتُـبر مَن يخالفهم الرأي من الأزلام أو الفلول، قام هؤلاء الذين يدعون إقامة العدل بتهجير آلاف السكان عن مناطقهم، والحجة أنهم ارتكبوا جرائم إبان الحكم السابق، متكئين على فتاوى رجال الدين المنافقين الذين كانوا بالأمس القريب وعاظًا للسلاطين ومباركين خطواتهم، داعين الرب لهم بطول العمر في حكم البلاد والعباد، ومن ثم أجزل أولئك الحكام العطايا لهؤلاء المشايخ، فأصبحوا أصحاب قصور في الدنيا بفعل علاقتهم بأرباب الدنيا، فهل سيكون لهؤلاء قصور في الآخرة؟!

سؤال بإمكان أي شاهد عيان الإجابة عنه، فالعلاقة بين المشايخ ورب السماوات واضحة وجلية من حيث تصرفات هؤلاء، ولاة أمورنا عملاً بـ«لا تزر وازرة وزر أخرى» يؤخذ البريء بجريرة المذنب، وبالتالي فقد تم تهجير الجميع دونما استثناء ليتساوى الجميع في الهموم والإذلال، بدلاً عن السعي إلى الصلح ومحاكمة مَن ثبت أنه أخطأ في حق الآخرين. لقد أهدر رجال الدين دماء العسكر والشرطة لا لشيء لإلا لأنهم أرادوا أن يموتوا واقفين بدلاً عن أن يطعنون في الظهر فيؤخذون على حين غرة. أوليس رجال الدين الحاليون الذين يخرجون علينا عبر كافة الفضائيات، ويطلبون منا أن نشكر مَن يقتلنا ويسعون إلى أحداث الفتنة بيننا بمنافقين ومجرمين لا يضاههم أحد في ذلك؟!

هناك أناس آخرون لا نريد إغفال ذكرهم، لينالوا حظهم من الشهرة، إنهم أولئك الذين يدعون أنهم شيوخ وأعيان لقبائل عريقة بمجتمعاتنا العربية المحافظة، أبناء عشائرهم يقومون بالسلب والنهب وقطع الطرقات، أثرى أولائك الأبناء في زمن قصير رغم صغر سنهم، فأصبحوا ملاكًا للعقارات والأطيان، ناهيك عن مدخراتهم بالبنوك سواء بالداخل أو الخارج، شيوخ القبائل إن لم يباركوا عمل هؤلاء فإنهم ودون أدنى شك لم ينهوهم عن فعل ذلك، وذاك أدنى ما يمكنهم القيام به. أصحاب المصالح الشخصية شكلوا أجزابًا، وكونوا ميليشيات تدعمهم لفرض آرائهم وتحقيق مآربهم، وإحداث فتن بين مكونات الشعب الواحد لأن يبقى البلد في حالة عدم استقرار، فهؤلاء البشر لا يعيشون إلا في بيئة فاسدة.

وبعد، أليس مَن سبق ذكرهم أبشع من الدواعش التي صرنا نعرفها، لأن الإعلام المدفوع الأجر من قبل حكامنا ومشايخنا «رجال الدين» وشيوخ وأعيان القبائل وساستنا. هم الذين زجوا بهؤلاء في أتون الحرب، أوليس الأجدر بنا أن نحارب هؤلاء الممولين الأساسيين للجهاديين «معظمهم شباب في مقتبل العمر» المغلوبين على أمرهم، وعند الإمساك بأحدهم يقول: «غرني الشيطان»، بالتأكيد يقصدون شياطين الإنس، فشياطين الجن تركت الأرض لهؤلاء فهم يقومون بالأدوار على أكمل وجه.

إن ولاة أمورنا هم الذين يخططون ويمولون الدواعش التي عليها التنفيذ، فهم جميعًا شركاء في الجرم، بل الممولون يساهمون في المزيد من القتل والتنكيل بالبشر. هل يتوب هؤلاء المجرمون إلى ربهم الأعلى وقد أفسدوا في الأرض، قبل أن يفوت الأوان، كل شيء جائز!