Atwasat

الشاهد والفساد الإداري والمالي في تونس

ميلاد عمر المزوغي الإثنين 25 فبراير 2019, 01:50 مساء
ميلاد عمر المزوغي

لقد حاولت حركة النهضة أن تتشبث برئيس وزراء ليس من منتسبيها بل نجد أن الذي أتى به ويعد عضوا به يسعى وبكل جهد الى تغييره، ليس هناك من تفسير إلا أنها ترغب في شق الصف الوطني بخروجها عن إجماع وثيقة قرطاج.

الحكومات المتعاقبة (6) بعد الثورة أثبتت فشلها بامتياز، الثالوث المقدس أو ما أطلق عليه مجازا الترويكا، ساهم بشكل فعال في زعزعة الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي، لقد تم اغتيال رموز وطنية أبدت امتعاضها من تصرفات أركان الحكم في مختلف المجالات، سجلت عمليات الاغتيال ضد مجهول لتظل في الأدراج، يعلوها الغبار السياسي، علّها تُنسى بمرور الزمن. من ناحية أخرى فإن خبراء ماليين يرون بأن الفساد في تونس، استفحل بعد الثورة بسبب تراخي من تولوا زمام الأمور في البلد وتخاذلهم في معالجة الفساد المستشري إضافة إلى غياب الإرادة السياسية العليا في مكافحة هذه الظاهرة بسبب ضعف الدولة وظهور بارونات المال العام لشراء الذمم، من ناحية أخرى ذكرت هيئة مكافحة الفساد الحكومية، أن الهيئة تلقت خلال الأعوام الخمس الماضية حوالي 12 ألف ملف فساد من بينها تسعة آلاف ملف لم يتم الحسم فيها بعد.

الوزير الأول قال قبل نيله الثقة بأنه ما لم يحدث تحسن في الأداء الحكومي متمثلا في انتعاش الاقتصاد الوطني، فإنه سيضطر إلى فرض المزيد من الضرائب واتباع سياسة تقشفية، لكنه طمأن الشعب بعد نيل حكومته الثقة بأنه لن يعمد إلى مزيد من التقشف!. ترى هل قام الشعب التونسي بثورة الياسمين ليحسن وضعه الاقتصادي أم الإتيان بأناس يعيثون في البلاد فسادا؟.

ثورة الياسمين كانت تهدف بالأساس إلى تحقيق الديمقراطية والتنمية، ربما تحقق هامش من حرية الرأي والتعبير وتمثل ذلك في الكم الهائل من الأحزاب، إلا أن برامج التنمية في مختلف المجالات لم تشهد تطورا إن لم نقل أنه تم القضاء على بعضها بفعل الروتين الإداري، من حيث الإتيان بأناس أقل خبرة في مواقع جد مهمة وتسريح أعداد هائلة من الكفاءات بحجة أنها من النظام السابق، الحكومات المتعاقبة وكسبا لود الناخب قامت بتعيين أكثر من مائة ألف في الوظيفة العمومية (بزيادة قدرها 25% ) ما شكل عبئا على الخزينة العامة، حيث اتبعت الدولة سياسة الاستدانة الخارجية منذ سقوط نظام بن علي، وكان من المتوقع أن يصل العجز 10 مليار دينار تونسي موفّى العام 2017.

وفق وثيقة قرطاج فإن هناك مجموعة قضايا هامة على طاولة الحكم تنتظر الحل الجذري، تأتي في مقدمتها الأزمة الاقتصادية الخانقة، حيث تدنى الإنتاج الزراعي والمنجمي، وانخفضت إيرادات القطاع السياحي بشكل ملحوظ بفعل أعمال العنف التي استهدفت المرافق السياحية، وفي محاولة منه لتطمين مستخدمي القطاع العام صرح أنه لا نية لديه لبيع المؤسسات العمومية كما أن لا نية لديه لتغيير الدستور.

يقول محللون بأن الشاهد قد تم إعداده ليكون رجل دولة، حيث تنقل بين عديد المواقع الحزبية والخدمية، حاول استمالة غالبية الأحزاب، وكسب ود الاتحاد العام التونسي للشغل، فكانت حكومته موسعة، أربعون شخصية (وزراء وكتاب دولة) تم تغيير بعضهم، والسؤال هل أفلح الشاهد في تحقيق ما عجز عنه غيره وحقق جزءا من طموحات الشعب؟. أم أنه مجرد حلقة في سلسلة كبلت تونس أرضا وشعبا وساهمت في إفلاس البلد؟. وبالتالي ساهم في حرق "السبسي" الذي أتى به.

لقد بدأ التحرك الشعبي الغاضب منذ أيام بسبب تدهور الوضع الاقتصادي والأمني وتدني مستوى المعيشة، ربما التحركات التي يقودها اتحاد الشغل ستؤدي إلى تغيير حكومي جذري يشمل رئيس الوزراء وهذا ما ألمحت إليه حركة النهضة (حكومة تجهّز للانتخابات المقبلة) الداعم الرئيس للشاهد، لكنها عندما تشعر بالخطر فهي على أتم الاستعداد للتخلي عنه، فالإخوان ينتهجون سياسة المصلحة فوق كل اعتبار، الأشهر المقبلة كفيلة بالإجابة عن تساؤلات العديد من المهتمين بالشأن التونسي.