Atwasat

لمن يهمهم الأمر من أنصار 17 فبراير

جمعة بوكليب الإثنين 18 فبراير 2019, 01:00 مساء
جمعة بوكليب

الذكرى الثامنة لثورة 17 فبراير 2011 حطت برحالها، ولأسباب لم تعد خافيةً على أحد، انقسم الليبيون حولها، في الداخل والخارج، إلى مؤيدين مرحبين ومعارضين كارهين.

لو اتفق الليبيون في مواقفهم من ثورة 17 فبراير 2011 واستقبلوا الذكرى الثامنة مؤيدين فرحين مهللين ومكبرين، لكان الأمر مدعاة للريبة والاستغراب، لكن الطبيعي في الحياة والأشياء أن يختلف الناس في مواقفهم منها قبولاً أو رفضاً أو لامبالاة وفقا لما تمليه عليهم مصالحهم.

الحقيقة التي يحاول عبثاً البعض التقليل من شأنها هي أن الانتفاضة أو الثورة - سمّها ما شئت – نجحت في تخليصنا من أتون جحيم دكتاتور أذاقنا الأمرّين خلال ما يزيد على أربعة عقود زمنية، وأحال البلاد إلى إقطاعية خاصة به، وبذريته، وبقبيلته ومن والاهم. وأن نجاحها الباهر في اقتلاع النظام من أركانه قد ضخ دم الحياة من جديد في حلمنا جميعاً في أن يكون لنا وطن يلمنا كأم رؤوم إلى حضنه ويعيد إلينا ثقتنا بأنفسنا وبالحياة، وبحقنا في أن نعيش مواطنين أحراراً لا رعايا في بلادنا. وأن تتنكس الثورة، أو تختطف عنوة، وتقاد في متاهات لا يعلم إلا الله كيف ستخرج منها، فهذا ليس بالأمر المستحدث أو الغريب تاريخياً، فتلك سمة الثورات والانتفاضات الشعبية. وما تشهده البلاد حالياً من فوضى وغياب للقانون، والنظام العام، وتفشي الجماعات المسلحة والفساد، قد يكون مدعاة لمشاعر الإحباط والحزن في نفوس العديد من الناس الذين وقفوا مع الثورة وناصروها. لكن يجب ألاّ تتحول تلك المشاعر إلى شعور بالندم والحسرة لأن ذلك يعني التسليم بنهاية ثورة حلمنا بها، ووطن تُقنا للانتماء إليه، وبلاد استعدناها بتضحيات شبابنا من بين أنياب تنين.

الاختلاف لا يضر إن كان بدافع الحرص على العباد والبلاد، وبأعين وبقلوب على مستقبل أولادنا وأحفادنا. وما نشهده من تحارب واقتتال على السلطة سينتهي يوما ما نأمل أن يكون قريباً. لكن الخشية من أن يُستغل في غياب الوعي والإدراك من قبل من كانوا يعتلون ظهورنا طيلة سنين، بغرض أن يعيدوا عجلة الزمن للوراء عنوة، لاعتلاء ظهورنا من جديد، غير آبهين بإخفاقهم طيلة أربعين عاماً، ولا مبالين بمصير مستقبل أولادنا وأحفادنا. وما يجب علينا تذكره دوماً هو أن سقوطهم المدوّي من بريق القمة إلى قرار الهاوية أفقدهم رشدهم وثرواتهم ونفوذهم لكنه لم يفقدهم شهيتهم ولاعزمهم وتصميمهم على العودة للظهور على خشبة مسرح لم يعد لهم تاريخياً فيه أدوار.

المجد والخلود لكل أولئك الذين خرجوا من بين صفوفنا، شاهرين عزمهم على التضحية بحيواتهم، في سبيل أن يخلصوا بلادهم وشعبهم من جبروت الاستبداد. والتوفيق والسداد والفوز لكل أولئك الذين يعملون ويسعون من أجل أن تستعيد ليبيا عافيتها وسلامها لتعانق ضوء النهار الفصيح. والخزي والعار لكل أولئك الذين يحاولون، عبثاً - تحت شعارات ورايات عديدة - تعطيل عجلة الزمن عن التحرك للأمام. وما دمنا أحياء، سنظل دوماً نطمح ونعمل من أجل نهار أفضل، في وطن يسعنا جميعا باختلافاتنا، وبأبنائه عطوف كريم.